أحمد بن عبدالرحمن الجبير
ظلت معادلة التوازن الشامل القائمة على تعظيم مقومات الأمن والاستقرار، الشاملة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية محور ارتكاز أي سياسات وإجراءات ناجحة، ومع ذلك تمر الدول والمجتمعات بظروف استثنائية طارئة، يمكنها العبور من هذه الظروف إذا ما وجدت فعلاً قيادة واعية، وحكيمة تفهم طبيعة المشكلات والأزمات ولديها الحل، وتم التعاون معها من قبل الجميع يتم تعدي الأزمة بنجاح دون عقبات، ولأننا نعلم جميعاً بمقومات القوة الشاملة التي تمتلكها السعودية.
صحيح أننا لم نحسن في لحظة من لحظات الوفر، توظيف أمثل لمواردنا المالية، وأننا صدمنا بهبوط أسعار النفط الحادة، حيث أننا والعديد من الخبراء السعوديين طالبنا منذ وقوت مبكر بضرورة ترشيد الإنفاق والصرف، وضبط مصاريف المشروعات العملاقة التي كان بعض منها تفوح منه رائحة الفساد، ولكن مع قيادة الحزم والحسم، كان لا بد من الانضباط، وقد تغير سلوك الدولة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان - حفظه الله - إلى نحو إيجابي جداً وفاعلية سياسية، وثورة إدارية منضبطة، ومسار اقتصادي وطني واضح وشفاف.
وعليه فإن القارئ لمضامين القرارات الملكية الأخيرة يكتشف أن مجتمعنا استطاع عبور جانب مهم من الأزمة المالية والاقتصادية، صحيح أنها أثرت على بعض جوانب الحياة اليومية للمواطن، إلا أنها أيضاً أعطتنا دروساً في ضرورة ترشيد الإنفاق على مستوى الدولة، والأفراد وأيضاً الرقابة والمحاسبة والمساءلة، وهذه من المرات النادرة التي يتم فيها تشكيل لجنة لمحاسبة أحد الوزراء، ناهيك عن التحقيق مع مسؤولين في قطاعات مختلفة.
كما أن الأوامر الملكية الكريمة، جاءت لتؤكد أمراً مهماً وهو أن سلسلة الإجراءات التقشفية التي اتخذتها الدولة في فترات سابقة ضمن الرؤية السعودية 2030م كانت نوع من الاستعداد المبكرة لمواجهة أزمات اقتصادية قادمة، وبالتالي اتخذت الإجراءات لغايات واضحة ومحددة، وعندما استطاعت الدولة تجاوز الأزمة الاقتصادية، وهي أزمة متشابكة داخلية وخارجية، رأت الدولة وخادم الحرمين الشريفين ضرورة تعزيز أمن واستقرار المواطن السعودي ورفاهيته، نوع من الاحترام والتقدير لدور المواطن في مساندة الدولة، والوقوف معها في السراء والضراء.
فالرؤية السعودية 2030م كانت رؤية وطنية طموحة هدفت إلى إعادة هيكلة اقتصاد المملكة وتطويره، وأثمرت عن إعادة البدلات، والعلاوات والمكافآت لموظفي الدولة، مما يجعلني كمواطن أرفع القبعة احتراماً، وتقديراً لسمو ولي ولي العهد على هذا العمل الجبار، والإنجاز العظيم والسريع، والذي آتى بنتائج اقتصادية واستثمارية ممتازة للوطن في وقت قصير، وجعلني أكثر ثقة، وتفاؤلاً بإمكانية تحويل ما يطرح اليوم من رؤية سعودية أصبحت حقيقية واقعة لا محالة للمرحلة القادمة، وليس حلماً كما يدعي البعض.
فالدولة - أعزها الله - تسعى دائماً إلى تحسين الخدمات، ومستويات دخل المواطن، ورفاهيته ودعم مشاريع جميع الخدمات التي تثقل كاهل المواطن من تكاليف كهرباء ومياه وطاقة واتصالات، وخدمات أخرى ويفترض القضاء على الفساد بجميع أشكاله، ومن يثبت عليه استغلال المنصب، وضعف التنفيذ من المسؤولين فإنه سيعاقب، كما حصل مع أحد الوزراء والذي أحيل للتحقيق، وسنبقى ككتاب نراقب ونتابع، ونطرح الأفكار، ولن نبخل على الوطن بحكم اختصاصنا بالنصيحة في توقيتها ومكانها.
وأكاد أجزم وأقول إن المواطن السعودي صعب الاختراق مهما كان، فيما يتعلق بوطنه وقيادته الرشيدة، قد يكون للمواطن شكاوى على إجراءات حكومية، أو انتقادات هنا وهناك، لكن الحصانة الوطنية التي لديه ليست موجودة عند آخرين، فالوطن والقيادة خطوط حمراء، وفوق كل الاختلافات، حيث أنعم الله على بلادنا، وهيأ لها قيادة حكيمة وعقلانية، وشعب يدرك معنى الأمن والاستقرار، ويدرك عواقب الفوضى والحروب والاختلافات.
لذا يفترض تعزيز معالم الإدارة التنفيذية، ومتابعة العديد من الملفات، والقضايا الداخلية الشائكة كالفقر والتضخم، وغلاء المعيشة، ودعم قيمة الريال للسيطرة على غلاء الأسعار، وتحسين مستويات دخل المواطن، وتوظيفه وتعيينه وتدريبه، وحل مشكلة البطالة، والعمل على إنهاء مشاريع إسكان المواطن، ودعم مشاريع الصحة والتعليم، وتوطين الوظائف، والحفاظ على التنمية الاقتصادية المستدامة للجميع.
وعلى الدولة - أعزها الله - أن تعيد النظر في العديد من الإجراءات لصالح المواطن، ضمن خطط مرحلية، وإستراتيجية وتنموية، كزيادة أعضاء مجلس الشورى، ومجالس المناطق، والبلديات وإكمال جميع المشاريع التنموية، والبناء التحتية، ومعالجة البيروقراطية، والقضاء على الفساد وردع المعتدي على المال العام، وندعو الله أن يمن على بلادنا بنعمة الأمن والاستقرار، ونرفع رايات الشكر والاحترام والتقدير لقائدنا ورائدنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان- أيده الله - على مكارمه الجمة التي شملت جميع المواطنين.