د. ناهد باشطح
فاصلة:
((نحن لا نكسب شيئاً إذا تركنا الآخرين يروننا كما نحن، مثلما لا نكسب شيئاً إذا حاولنا الظهور على غير ما نحن))
-حكمة صينية-
الناس مختلفون في طبائعهم وأخلاقهم، وإذا ابتليت بالتعامل مع أناس لا يعرفون أبجديات التعامل وفق قواعد الأخلاق فلا تحسب أنك تستطيع تغييرهم، وأنك إن تعاملت معهم بأخلاقك فسوف يعاملونك بمثل ما عاملتهم.
الذي اكتسبه الإنسان طوال سنوات عمره من قيم لا يمكن أن يتغير بسهولة لموقف عارض، ولذلك يخسر أولئك الذين يعتقدون أن شروخ العلاقات الإنسانية يمكن أن تلتئم بسهولة.
ويخسر أكثر من يعتقد أن هناك من يقدم عطاءً غير مشروط ضمن علاقة إنسانية أياً كان نوعها إلا فيما ندر.
لذلك قال الشافعي - رحمه الله:
ففي الناس إبدال وفي الترك راحة
وفي القلب صبر للحبيب وإن جفا
في العلاقات الإنسانية المواقف هي التي تتحدث بصوت عال خاصة مواقف الغضب والتي يتضح فيها من السلوكيات ما لا يمكن معرفته في وقت الرضى.
لذلك كانت الأزمات والمواقف محكاً مهماً في العلاقات، ولذلك تبنى كثير من الحواجز بعد خيبات الأمل التي نحاول أن ننساها أو نطوي تأزمها لكنها تظهر في لحظات الغضب والانفعال.
ربما كان التسامح هو الحل المريح ولكنه قد يكون أحياناًً مصاحبًا للترك المريح، فأنت لا تستطيع أن تغير العالم بمفردك ولا تستطيع أن تجعل إنساناً ما يغير قناعاته إذا لم يشأ.
ومقولة أن الإنسان يتغير للأحسن مع الوقت ليست مقولة صحيحة، لأن طبائع الإنسان الحسنة والسيئة تزداد رسوخاً في الشخصية مع مرور الوقت، ولذلك كانت صعوبة تغيير الإنسان لطبائعه في مراحل عمره المتقدمة.
ربما كان الأسلم أننا منذ البداية نختار من نرافق في هذه الحياة، الاختيار الذي يبدو صعباً في البداية يصبح مراً بعد ذلك، لأن الوقت بحد ذاته يسمح للجروح أن تتأزم لا أن تشفى.
وإن لم نستطع اختيار بعض العلاقات فعلينا أن نحدد ملامحها بشكل واضح.
أما الرفاق فقد يكون الأمل ضعيفاً في تغييرهم، إما أن تقبلهم بما فيهم من منغصات، وإما أن تتركهم ففي الترك راحة.