استمع العالم بأسره إلى كلمة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع أمام مجموعة من كبار المشايخ والأعيان في الشقيقة اليمن. ومن تأمل في كلمات سموه الكريم يجد أنها تمثل السياسة الخارجية السعودية مع كل الأشقاء العرب والمسلمين منذ عهد الملك المؤسس وحتى يومنا هذا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهد الأمير محمد بن نايف. وإن كان الموقف السعودي مع الأشقاء جميعاً مميزاً إلا أنه مع اليمن أكثر تميزاً، فهي الجارة والشقيقة والعمق الإستراتيجي للسعودية.
وتأكيداً على أن الموقف السعودي مع اليمن هو ثابت ولا يتغير، أنقل للقارئ الكريم جزءاً من خطبة ألقاها الملك فيصل أمام مجموعة من رجالات اليمن، ففي في شهر أغسطس من العام (1965م) في مؤتمر الطائف الذي رعته الحكومة السعودية لجمع شمل أبناء اليمن الشقيق، ومن يتأمل في كلمات الفيصل وما قاله الأمير محمد بن سلمان قبل أيام قليلة يجدها تنطلق من المنبع نفسه، وهو السياسة الخارجية السعودية القائمة على الوقوف مع الأشقاء في كل أزماتهم.
يقول الراحل الكبير الملك فيصل - رحمه الله:
إخواني أبناء اليمن الكرام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
في مثل هذه الأيام وفي هذا المكان من قبل اثنين وثلاثين عاماً وقعت اتفاقية الأخوة والصداقة بين اليمن والمملكة العربية السعودية، وإنني حين أتذكر تلك الأيام وهذه الأيام لأجد شيئاً من التشابه، فإذا كانت تلك الأيام قد حملت في طياتها شيئاً من سوء التفاهم أو الاحتكاك بين الإخوة في اليمن وفي المملكة العربية السعودية، فإن التاريخ يعيد نفسه، وتحمل هذه الأيام شيئاً من سوء الفهم والاحتكاك والتنابذ بين أبناء اليمن نفسه، ولكن الله سبحانه وتعالى عودنا الخير والنعم، فأزال ما كان فيها من سوء تفاهم واختلاف بين إخوة في اليمن وفي المملكة العربية السعودية، وهو الآن يمن علينا ويزيل ما كان من اختلاف وسوء تفاهم بين أبناء اليمن أنفسهم، فعلينا الآن أن نتخذ من الماضي عبرة ودرساً نقتدي به كل ما نتعرض عليه في المستقبل من شرور وآثام، وإني أيها الإخوة لست في حاجة لأن أكرر ما قاله الإخوة الكرام قبلي........ فقد أبانوا كل شيء، وقد أوضحوا كل ما يجب إيضاحه، وإنما لي ملاحظة واحدة، وهي تختص بالمستقبل..... فماذا أعددنا له، يجب أن نستعد ونهيئ أنفسنا لمقابلة المستقبل ومواجهته بإخلاص واتجاه إلى الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لأن نسلك سبيل الصواب، وأن نتناسى كل ما مرَّ وكل ما انتهى من آلام ومن جروح دامية، وأن نكرس جهودنا لمستقبلنا الزاهر - بحول الله وقوته - لنبني ونشيد ولنتقدم ولنتطور.....
وإننا أيها الإخوة إذاً كما قمنا بشيء من واجبنا اتجاههم كإخوة وأحبة، فإن هذا لا يستحق الشكر وإنما هو واجب علينا، ربما أننا قصرنا في بعض الشيء ولكن - بحول الله وقوته - في حسن أخلاقكم وأقوالكم ما يطمننا أنكم ستغضون النظر عما وجدتموه منا من فتور أو نقص لأنكم في بيتكم وبين أهلكم، وكما قال المثل السائر (صاحب المكان لا يكرم ولا يهان).