الدمام - فايز المزروعي:
أكّد مستشار وخبير اقتصادي، أهمية توظيف إمكانات المملكة وطاقاتها، والاستفادة من موقع البلاد وما تتميز به من ثرواتٍ وميزات، لتحقيق مُستقبلٍ أفضل للوطن وأبنائه»، وذلك من بناء منظومة حوكمة متكاملة تحقق الأهداف الرئيسة لرؤية المملكة 2030 في بناء اقتصاد قوي ومتنوّع المصادر يطوّر ويستغل فيه جميع أنواع الطاقة عن طريق توظيف المزايا النسبية والتنافسية التي تزخر بها المملكة.
وأوضح أنه على الرغم من تمتعنا بمقومات قوية في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلا أننا لا نملك حتى الآن قطاعاً منافساً في مجال الطاقة المتجدّدة، مع التوقعات بارتفاع مستوى الاستهلاك المحلي للطاقة ثلاثة أضعاف بحلول عام (1452هـ - 2030م)، لذلك يجب العمل بكل جهد لتحقيق ما تستهدفه رؤية 2030 بإضافة (9.5) جيجاوات من الطاقة المتجددة إلى الإنتاج المحلّي بحلول العام (1445هـ - 2023م) كمرحلة أولى، بالإضافة إلى توطين نسبة كبيرة من سلسلة قيمة الطاقة المتجددة في اقتصادنا، وتشمل تلك السلسلة خطوات البحث والتطوير والتصنيع وغيرها.
وقال المستشار الاقتصادي سعد آل حصوصة خلال حديثه لـ«الجزيرة»: أكدت الرؤية على امتلاكنا كل المقومات للنجاح في مجال الطاقة المتجدِّدة، ابتداءً من المدخلات مثل السيليكا والبتروكيماويات، وانتهاءً بما تمتلكه شركاتنا السعودية الرائدة من خبرة قوية في إنتاج أشكال الطاقة المختلفة، لذلك ستضع الرؤية إطاراً قانونياً وتنظيمياً يسمح للقطاع الخاص بالملكية والاستثمار في قطاع الطاقة المتجددة، من خلال توفير التمويل اللازم عن طريق عقد شراكات بين القطاعين العام والخاص في مجال الصناعة لتحقيق المزيد من التقدّم في هذه الصناعة، وتكوين قاعدة من المهارات التي نحتاج إليها، إلى جانب ضمان تنافسية سوق الطاقة المتجددة من خلال تحرير سوق المحروقات تدريجياً.
وأضاف «تشهد المملكة نمواً متسارعاً وتزايداً في الطلب على الكهرباء والمياه المحلاة، ومع ارتفاع معدل النمو السكاني يتزايد استهلاك الكهرباء والمياه المحلاة ذات تكلفة المنخفضة، ووفقًا للتقديرات الحكومية فإن الطلب المتوقع على الكهرباء في المملكة سيتعدى 120 جيجا واط بحلول عام 2032م، لذلك إذا لم يتم إنتاج طاقة بديلة وتطبيق أنظمة للحفاظ على مصادر الطاقة، فإن إجمالي الطلب على الوقود الخام لإنتاج الطاقة والصناعة والنقل وتحلية المياه سيرتفع بما يعادل 3.4 مليون برميل في عام 2010م إلى ما يعادل 8.3 مليون برميل من النفط المكافئ يومياً بحلول عام 2028م، ولكي يتم تطوير برنامج ذي قدرات توليد عالية ومضمونة من الطاقة، وتطوير المعرفة والمهارات والخبرات الفنية لها، فإن مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة تسعى لتطوير مزيج من مصادر الطاقة الذرية والمتجددة وبشكل مستدام يسمح بالحفاظ على مصادر المملكة الناضبة من النفط والغاز لأجيال المستقبل، وبإتمام هذه الرؤية، فإن المملكة تدرك دورها المهم كمصدر أساسي للطاقة عالميًا، وتؤمّن في الوقت ذاته مستقبل المملكة ومصادر طاقاتها.
وبيّن آل حصوصة أن الطاقات المستهدفة والمقترحة من قبل مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة تعتبر الأعلى من نوعها في العالم، حيث قامت المدينة من خلال تطويرها لمقترحاتها لتطوير المنظومة المستدامة للطاقة في المملكة، بدراسة بعض المتطلبات الأساسية وهي: التقليل من أقصى طلب على الطاقة عن طريق تحسين كفاءتها والحفاظ عليها والفوائد العائدة من توفير الوقود الخام والقضايا المتعلقة بالإنتاج مثل عوامل الحمل الإنتاجي والإدارة والتقنيات وإدراك حدودها، وكذلك القدرة على بناء إمكانيات من الموارد البشرية، بالإضافة إلى مدى قدرة المملكة على توطين ممونات سلسلة القيمة المضافة لها، موضحاً أن الأبحاث تشير إلى أن إنتاج مصادر الطاقة المستدامة سيضمن انخفاضاً ملحوظاً في استخدام النفط لإنتاج الطاقة وتحلية المياه، وبذلك يضمن توفيرها لمدة أطول لاستخدامها في الصناعات الهيدروكربونية أو لأغراض التصدير والتشغيل وكمواد أولية تدعم الصناعة الوطنية، وعند الأخذ بعين الاعتبار الكثافة العالية للطاقة الشمسية في المملكة على مدار العام والقدرة على استخدام الطاقة الجوفية الحرارية وطاقة الرياح والطاقة المُحولَة من النفايات، ستظهر لنا الفرص الاقتصادية المزدهرة في كل قطاعات الطاقة المتجددة، والتي من شأنها أيضاً التقليل من التأثير السلبي على البيئة، ولأن مصادر الطاقة المتجددة تخضع لتقلبات، فإن استخدامها جنبًا إلى جنب مع مصادر أخرى وذلك في أوقات الذروة، أما الطاقة الذرية فبإمكانها توفير مصدر موثوق من الكهرباء غير المنقطع طوال السنة.
وقال «لا بد لنا هنا أن نلقي الضوء على حرص مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة خلال تنفيذها لبرامجها إلى تطبيق كافة المعايير العالمية للشفافية والسلامة والأمن حماية للأفراد والشركاء، ولضمان ذلك ستبقى المدينة على تواصل دائم بالدول التي لديها برامج طاقة ناضجة، وسجل آمن لتستفيد منها ولتنقل خبراتها في أفضل الممارسات ولتساعد المدينة على تطوير وتوطين سلسة القيمة المضافة المحلية، حيث تعد المساهمة في تحسين التنمية الاقتصادية المحلية وتوفير الفرص الوظيفية للسعوديين وتطوير مهاراتهم وخبراتهم أحد أهم أوجه الاستدامة في مقترحات المدينة حول إدخال الطاقة المستدامة لمنظومة الطاقة المحلية في المملكة، لذا ستعمل المدينة على الاستثمار في الحلول التقنية والبحث العلمي والتنمية البشرية من خلال التعليم والتدريب داخل المملكة وخارجها، ونقل المعرفة والخبرة للمملكة، وستبقى مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجدّدة على تواصل بشركائها من المجتمع خلال تنفيذها لمشاريع الطاقة الذرية والمتجددة عن طريق التواصل المباشر وغير المباشر للتوعية بكل جوانب الأنشطة ولمعالجة أي مفاهيم خاطئة ومحاذير وهمية.»
وأضاف «بما أن العالم يعتمد على الطاقة فإنه يتجه نحو اكتشاف مصادر مستدامة أكثر من استخدام الوقود الخام الذي يعد مصدراً ناضباً، ولا تستثنى السعودية عن غيرها في رؤيتها وتوجهها لإيجاد مصادر الطاقة البديلة، ولكي توفر مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة مستقبل طاقة مستداماً تم اقتراح مزيج من مصادر الطاقة المستدامة واضعة في اعتبارها: الاقتصاد الناتج من توفير النفط والغاز، وأنماط احتياج الكهرباء والماء والخيارات التقنية ومتطلبات التنظيم والبنية التحتية والتطور السكاني وتحسين سلسلة القيمة المضافة المحلية، ولتحقيق أقصى قدر من الاستدامة، قامت مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة بتقييمٍ شاملٍ لمصادر الطاقة البديلة لضمان الحصول على الفائدة القصوى من استخدامها، حيث توصّلت إلى أن الهيدروكربونات ستظل عنصراً رئيساً في مزيج الطاقة المستهدف لعام 2032م، تدعمها الطاقة الذرية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية والطاقة المحولة من النفايات، وذلك على أساس ما يلي: الهيدروكربونات 60 جيجاواط والطاقة الذرية 17.6 جيجاواط والطاقة الشمسية 41 جيجاواط، حيث يتولَّد 16جيجاواط منها من خلال استخدام الخلايا الكهروضوئية وما يعادل 25 جيجاواط بالطاقة الشمسية المركَّزة؛ و1جيجاواط من الطاقة الحرارية الأرضية 9 جيجاواط من طاقة الرياح و3جيجاواط من الطاقة المحوّلة من النفايات، ومع هذا التصور، سوف توفر الطاقة الذرية والطاقة الحرارية الأرضية والطاقة المحولة من النفايات في فترة الليل خلال فصل الشتاء الحمل الأساسي للطلب، وستلبي الطاقة الكهروضوئية إجمالي الطلب خلال فترة النهار، وذلك على مدار العام، كما ستلبي الطاقة الشمسية المركَّزة، مع التخزين، أقصى فارق في الطلب بين الطاقة الكهروضوئية وتقنيات الحمل الأساسي وستلبي الهيدروكربونات ما تبقى من الطلب».
وأكد آل حصوصة أن مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجدّدة أعلنت في وقت سابق أنها ستحافظ خلال عملها على تطبيق سياسة تجارية شفافة وواضحة للمطورين والمستثمرين في طرح وإدارة المشاريع وضمان الأسعار المنافسة، فالهدف الأهم هو تكوين شراكات واسعة مع الشركاء المحليين والدوليين في تطوير قطاع الطاقة الذرية والمتجددة والذي يتضمن الحفاظ على الطاقة وخدمات دعم الطاقة بحيث يتم توطين 60 % من إنتاجية الطاقة النووية و80 % من الطاقة الشمسية من موارد محلية.
وبيَّن أن الطاقة الذرية هي مصدر آمن و موثوق وخالٍ من انبعاثات الكربون وذات سِجِلّ سلامة مثالي مجرب دولياً ليولد 16 % من احتياج العام للطاقة في حين أنه يحتاج للقليل جدًا من الوقود ليولد قدر كبير من الطاقة، ومن المفيد في استخدام الطاقة النووية أنها لا تلوث البيئة ولا تنتج قدر كبير من النفايات، إلى جانب أنه لا يمكن بأي حال أن تتعرض المحطة النووية للانفجار، لافتاً إلى أنه في الوقت الحالي ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية IAEA فإنه يوجد 433 محطة نووية مشغلة في 30 دولة حول العالم و65 مفاعلاً جديداً تحت الإنشاء 16 منها تقع في آسيا وأكثر من 400 مفاعل مخطط له واثنان منها في دول الخليج. وقد تم التراجع عن عمليات إغلاق بعض المحطات الموجودة في إسبانيا واليابان خلال عام 2012م، إذا إنه في المحطات التي يتعدى عمرها الافتراضي 60 سنة تستطيع الطاقة الذرية توفير توليد متكامل ومتواصل طوال العام، باستخدام الوقود الذي ينافس النفط والغاز في أسعارهما العالمية وإجمالياً منافس أقوى للطاقة المتجددة، حيث إن أمن المفاعلات النووية متقدم جدًا وقد تم تقليل المخاطر بشكل ملحوظ بعد ظهور الجيل الثالث من المحطات، والتي تتسم بفعالية أكبر وأمان أكثر في تصميمها، ولن تستخدم السعودية إلا أكثر التقنيات تقدمًا والأحدث تطوراً والتي تم اختبارها باهتمام بالغ للأمن والسلامة والضمانات، وذلك لتقديم أعلى المعايير الدولية عند إنشاء المفاعلات النووية المخطط لها والتي من المقترح أن تولد 17.6جيجا واط من الكهرباء تدريجيًا حتى عام 2032م.
وذكر آل حصوصة، أنه بحسب مدينة الملك عبدالله للطاقة فإن من أهم فوائد الطاقة الذرية مساهمتها في تزايد فرص العمل عالية المستوى، وتأسيس الكفاءات التقنية النووية وتهيئة الشباب السعودي ليصبح قيادياً متمكناً خلال الأعوام القادمة، بالإضافة لذلك فإن الطاقة الذرية ستساهم بتطور هائل في مجال الصناعة للمستقبل ويتضمن ذلك تطوير الهندسة الذرية والأبحاث المتقدمة وتقنية المفاعلات النووية وبحوث دورة الوقود وتطويرها، وستساهم في تطوير العديد من المجالات الأخرى كالطب والزراعة والمعادن وتحلية المياه.
وأوضح آل حصوصة، أن المملكة تتمتع بامتلاكها العديد من أشكال الطاقة المتجددة والتي يتمثّل أولاها في الطاقة الجوفية الحرارية، حيث يتم توليد الطاقة الحرارية الجوفية من الحرارة الطبيعية تحت الأرض، وهي طريقة آمنة ونظيفة ولا تخضع لتقلبات في استخدامها وصالحة طوال السنة، وهي تمثّل الآن المصدر الأساسي للطاقة في العديد من الدول حول العالم، وعادةً في الأماكن النشطة بركانياً مثل ايسلندا ونيوزيلندا، وعلى الرغم من أن النشاط البركاني في السعودية محدود جدًا إلاً أنه كافٍ لإنشاء محطات توليد طاقة حرارية جوفية بجانب استخدام المصادر الأخرى، حيث إن هناك ثلاث طرق لتوليد الطاقة الحرارية الجوفية: التبخير الجاف، التبخير الفجائي، والدورة الثنائية.
وبيّن أن هناك أيضاً الطاقة الشمسية أحد أشكال الطاقة المتجددة، حيث تتميز المملكة بوفرة مصادر الطاقة الشمسية، وتعتبر المملكة إحدى أكثر المناطق ارتفاعًا في معدلات الإشعاع الشمسي في العالم، ولذلك فإن جزءًا كبيرًا من مقترح مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة يقوم على تطوير تقنيات حديثة ونظيفة وذات تكلفة مُجدية اقتصادياً للطاقة الشمسية بهدف تلبية الاحتياج العالي، خاصة في أشهر الصيف، وذلك من خلال اقتراح إنتاج ما مجموعه 41 جيجا واط بشكل تدريجي وحتى حلول عام 2032م، حيث تشمل الدراسات المعنية بالطاقة الشمسية نوعان هما: الطاقة الكهروضوئية والطاقة الشمسية المركزة، حيث تتكون الخلايا الكهروضوئية من ألواح شمسية تسمح بتحويل أشعة الشمس مباشرة لطاقة كهربائية، ويمكن جمع هذه الألواح في حقول تتصل مباشرة بشبكة الكهرباء الوطنية باستخدام عاكس لتُحوّل الطاقة الشمسية إلى تيار متردد ومتوافق مع الشبكة، والهدف الأساسي منها هو أن تقوم المدينة ببناء قدرة كهروضوئية كافية لإنتاج 16 جيجا واط بحلول عام 2032م، وتتمثّل أهم فوائد الخلايا الكهروضوئية في بساطتها ومرونتها في البناء ودقتها المعتمدة وقلة مصاريفها بعد التشغيل ولذا تُوليها المملكة أهمية بالغة حيث يتمثّل فيها جزء كبير من مصادر الطاقة البديلة، ولقد استخدمت مادة السيليكون البلوري في بناء الألواح الشمسية في الأعوام السابقة ولكن خلايا الرقائق الشمسية الآن تكتسح المجال وهو ما تطمح مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة للاشتراك في تطويره وصناعته بالاشتراك مع الشركاء المحليين والعالميين وفي نفس الوقت نقل الكفاءات التقنية والمهارات للشعب السعودي.
وقال «كذلك لدينا الطاقة الشمسية المركّزة، والمبدأ الأساس لها أو ما يُسمى بالطاقة الحرارية الشمسية هو استخدام أنظمة عاكسة لتوجيه الإشعاع الشمسي إلى جهاز مُستقبل يكون بالعادة واقعًا على قمة برج شمسي، ويتم تحويل الأشعة المُركزة إلى طاقة حرارية ليتم تحويلها إلى كهرباء باستخدام توربينات، حيث يمكن استخدامها لتحلية المياه وللتطبيقات الصناعية، ويسمح هذا النظام بتخزين الطاقة الحرارية كي تستخدم في توليد الطاقة ليلاً، مع أن الطاقة الشمسية المركزة لا تزال في طور النمو، إلا إنها تتطور بسرعة ولذلك تتطلع المدينة وشركائها لبناء سوق جديد في هذا القطاع عن طريق النقل التقني والبحث وتطوير المنتجات الجديدة وتدريب الأيدي العاملة السعودية على أعلى مستويات الكفاءة، حيث تعتزم مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة على تأسيس حقول من المرايا وأجهزة الاستقبال عبر مناطق المملكة لتطوير كفاءة التكلفة للعملية مع التطورات المتداخلة. وبحلول عام 2032م ستولد الطاقة الشمسية المُركزة ما يعادل 25 جيجا واط. بإنشاء الطاقة الشمسية وخاصة مصدر الطاقة الشمسية المركزة ستتاح فرص في السنوات المقبلة لإنشاء ما يشابه أنظمة الربط الموجودة في إفريقيا الشمالية والتي تسعى لتوليد طاقة لدول أوروبا في أشهر معينة من السنة».
وأضاف «من ضمن أشكال الطاقة المتجددة في السعودية طاقة الرياح، إذ إن الرياح مصدر صديق للبيئة لتوليد الطاقة المتجددة، وتعتبر عالميًا أحد الحلول المهمة في مقاومة تغيّرات المناخ، وبالتالي يزداد استخدامها بشكل ملحوظ حول العالم وخصوصًا في الصين والهند والبرازيل والمكسيك، وبحسب مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة فإنها ستقوم بإنشاء محطات توليد (توربينات) رياح، مُوليةً اهتمامًا كبيرًا لموقعها الذي يشكل عامل أساسي في نجاحها، ومن الأرجح أن تجد الموقع المناسب لتوربينات الرياح في المملكة على سواحل البحر الأحمر والخليج العربي بهدف مقترح لتوليد 9 جيجا واط من الكهرباء بحلول عام 2032م، لاستخدامها بشكل أساسي في تحلية مياه البحار وتحويل المياه المالحة إلى مياه صالحة للشرب، ومع ذلك فإنه لا يمكن التنبؤ باحتمالية هبوب الرياح وقد يكون استخدام الطاقة المولدة من الرياح مع غيرها من المصادر أفضل، حيث تخضع التوربينات الهوائية للعديد من التطورات التقنية لتحسين فعاليتها ويتوافق ذلك مع سوق الطلب عليها، ولذلك تعمل مدينة الملك عبد الله للطافة الذرية والمتجددة بالتعاون مع شركائها على إجراء البحوث وتطوير صناعات وطنية متعلقة بها وتعليم المواطنين وتدريبهم على هذه التقنيات وتحسين مهاراتهم وخبراتهم فيما يتعلّق بالتوربينات وطاقة الرياح في المملكة.»
ولفت آل حصوصة إلى أن الطاقة المحولة من النفايات تعتبر أيضاً إحدى أشكال الطاقة المتجددة، وعلى الرغم من جهود المملكة في الحث على إعادة تدوير النفايات يلقى جزءاً كبيراً منها في مناطق مخصصة (مكبات)، ولذا فإن إنشاء محطات تحويل نفايات إلى طاقة هي فكرة تدرسها المدينة بجدية لتقلل من عدد المكبات ومشاكلها الناجم عنها التلوث الأرضي والهوائي، وتعتبر هذه التقنية نظيفة ومتطورة، وسيكون اختيار التقنية المستخدمة معتمدًا على التكلفة الاقتصادية للعملية والفرص التي ستجعلها تتقدم في المملكة، وبذلك تقترح مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة إلى إنتاج ما يعادل 3 جيجا واط من الكهرباء بهذه الطريقة بحلول عام 2032م.
وأوضح أنه من ضمن المبادرات والجهود الكبيرة في المملكة لاستغلال الطاقة المتجددة، وسعياً وراء تحقيق رؤية المدينة الطموحة في إدخال مزيج من الطاقة الذرية والمتجددة (الطاقة المستدامة) في منظومة الطاقة في المملكة، بدأت مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة مشروع «دراسة تأثير ربط محطات الطاقة المستدامة بالشبكة الكهربائية السعودية» وذلك بمشاركة مختلف شركاء العمل الأساسيين ذوي العلاقة المباشرة بقطاع الطاقة الكهربائية منها الشركة السعودية للكهرباء، شركة نقل الطاقة السعودية، وزارة، هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج وغيرهم، حيث يهدف هذا المشروع بالتعاون مع مختلف القطاعات إلى تعظيم الفائدة وتعاضد الخطط الإستراتيجية المشتركة فيما يتعلّق بتطوير شبكة الكهرباء بالمملكة، وكذلك تذليل المعوقات بما يخدم الإستراتيجية الوطنية لإدخال الطاقة المستدامة لمنظومة الطاقة في المملكة، وذلك بدعم تطبيقاتها المختلفة.
وأشار إلى أنه من ضمن المبادرات أيضاً إطلاق مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة المشروع الوطني لقياس مصادر الطاقة المتجددة على مستوى المملكة - الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، طاقة تحويل النفايات، طاقة باطن الأرض - بالإضافة إلى جمع القراءات الأرضية بنحو شمولي من مواقع مختلفة بالمملكة، وذلك لبناء قاعدة بينات يستفاد منها في تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه وأيضاً للاستفادة منها من النواحي البحثية لتطوير التقنيات والحلول المناسبة لأجواء المملكة ومناخها المختلف في مناطقها المختلفة، حيث من المتوقع أن يتم إعداد أطلس وطني لمصادر الطاقة المتجددة في المملكة ليتم استخدامه من قبل المهتمين وأصحاب العلاقة مثل الجامعات ومراكز الأبحاث، بالإضافة إلى مطوري المشاريع، ومن المتوقّع أن يتم إنشاء عدد من محطات الرصد بما لا يقل عن مائة محطة موزعة بشكل دقيق ومدروس حول أنحاء المملكة خلال الفترة القادمة لرصد جميع المعلومات المناخية والجوية لمسح وتحديد موارد الطاقة المتجددة في المملكة، وسوف يتم توفير المعلومات التي سيتم جمعها للباحثين والمهتمين عبر موقع إلكتروني يتيح لهم الاطلاع على ما يحتاجون إليه من المعلومات الأساسية التي ستجمع على سبيل المثال لا الحصر الإشعاع والطيف الشمسي وسرعة الرياح على مستوى المملكة بطريقة سلسة وسهلة، إذ إن موضوعاً مهماً وضرورياً جداً خصوصاً عند ما تستهدف المملكة برنامج طويل الأمد، حيث يترتب على ذلك ضرورة تحديد الاحتياجات الأولية ومن أهمها استيعاب وفهم طبيعة الموارد المتجددة التي نملكها، وعلى سبيل المثال ينبغي معرفة مستوى جودة الإشعاع الشمسي في المملكة التي حبانا الله بها ولكن تطويعها كمشاريع محطات شمسية كبيرة لإنتاج الكهرباء يحتاج إلى دراسة شمولية ليس بالأمر الهين، حيث لا بد من دراسة عناصر فنية كثيرة لتسهيل احتياجات من يعمل على تطوير الطاقة الشمسية في موقع جغرافي محدد ومن أهمها تحديد جودة الإشعاع الشمسي، حيث تحتاج إلى دراسة نوعية الإسقاط الشمسي وقوته ومدى تأثير العوامل المناخية والجغرافية الأخرى مثل - الغبار - الرطوبة - الرياح السطحية - التربة- العوامل المسببة للصدأ - درجة ميلان الأرض - وفرة المياه - الظل الطبيعي من الجبال وغيرها من العوامل التي ستؤثر على إنتاج الكهرباء، ومن المهم أيضاً عمل دراسة فنية لمعرفة كمية الطاقة التي من الممكن إنتجها من موقع جغرافي محدد لإعداد الدراسات الفنية اللازمة، إذ سيلتزم منتج الطاقة بتوريد طاقة خلال فترة زمنية محددة، وفي نفس السياق يحتاج الباحثون في مجال الطاقة الشمسية جميع المعلومات الممكنة لعمل الدراسات اللازمة حول طبيعة المواد التي من شأنها رفع كفاءة الألواح الشمسية وتحديد المواد المناسبة لعزل الألواح وغيرها من الدراسات العلمية والهندسية .
وأكد آل حصوصة أن المملكة تسعى من خلال تأسيسها لمدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة إلى تطوير منظومة اقتصادية مستدامة للطاقة من خلال إضافة مصادر الطاقة الذرية والمتجددة إلى مصادر الطاقة النفطية، والتي يتم استهلاكها في إنتاج الكهرباء وتحلية المياه المالحة، حيث أعلنت المدينة في وقت سابق مقترحاتها حول مصادر الطاقة المستدامة والسعة المستهدفة لكل منها، والتي سيتم إحلالها تدريجياً وحتى الوصول إلى 50 % من احتياجات المملكة للطاقة بحلول عام 2032م، وهو المقترح الأعلى من نوعه في العالم، وستعمل مدينة الملك عبدالله مع العديد من الجهات الوطنية مثل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية والجامعات والكليات والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني والشركة السعودية للكهرباء والشركة السعودية لنقل الكهرباء والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة والهيئة الملكية للجبيل وينبع وغيرهم من الجهات التي من المتوقع أن تكون المستفيد الأكبر من هذا المشروع، الذي سيتم تنفيذه بالتعاون مع المختبر الوطني للطاقة المتجددة ومعهد باتيل موميريال للأبحاث في الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى العديد من الجهات الوطنية من داخل المملكة.
وبيّن أن مبادرات المملكة في مجال الطاقة المتجددة عديدة ويصعب حصرها، حيث إن مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة تسعى منذ البداية إلى الشراكة مع منظمات محلية ودولية في جميع جوانب أنشطتها في أثناء تقدمها نحو تطبيق أهدافها الأساسية، ولذلك أشركت وكالات استشارية هندسية أجنبية ومحلية في تطوير المخطط الرئيسي للمدينة المستدامة، ومع التقدم في تنفيذ الخطة، فإنه من المهم التعاون مع المقاولين والمهندسين والمطورين كأفراد أو كشراكات للمساهمة في تطوير تلك الفرص الناشئة، إضافة إلى ذلك، تتجه مدينة الملك عبد الله لعرض برنامج المناقصة الأولى للطاقة الشمسية، وبذلك فإن شراكة المنظمات المحلية والعالمية لا يقتصر على إمداد المعدات المطلوبة والخبرات، بل يشمل الصناعة المحلية ونقل المعلومات وتوفير الخدمات الأساسية وتدريب الأيدي العاملة السعودية على كل جوانب تقنية الطاقة الشمسية بدءًا من الإنتاج ولغاية بناء محطات الطاقة الشمسية وصيانتها الدائمة، وستتاح الفرصة للكفاءات المحلية المشاركة في البحوث في مجال الطاقة الشمسية مع التركيز على تصدير خدمات قطاع الطاقة ومنتجاتها، وبشكل عام تهدف المدينة إلى توطين 80 % على الأقل من الطاقة الشمسية و60 % من سلسلة القيمة المضافة، ويعتبر التوجه للطاقة المستدامة مفتاحاً أساسياً للتطوير الصناعي، ولكن هذا لا يعني التركيز على تلك الصناعات المتخصصة في قطاع الطاقة المستدامة فحسب، وإنما تؤكّد المدينة على استغلال المستوى المتزايد من مصادر الطاقة من الطبيعة والذي من شأنه أن يعطي الفرصة لاستخدام الوقود الخام في أنشطة لها قيمة مضافة، ولدعم التنمية الاقتصادية المحلية والصناعات الوطنية فإنه من الخطط إنشاء عدد من الشركات وصناديق التمويل التي ستسمح للمزيد من المشاركة من قبل أفراد المجتمع والشركات الأخرى في رحلة السعي وراء الطاقة المستدامة.
وقال الخبير والمستشار الاقتصادي سعد آل حصوصة، أن آخر تلك المبادرات كانت برعاية كريمة من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، و جلالة ملك المملكة الأردنية الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حيث تم إبرام كل من رئيس مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة الدكتور هاشم يماني ومعالي رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية الدكتور خالد طوقان، عقد البحث والتطوير في مشروع تعدين خامات اليورانيوم في منطقة وسط الأردن، وكذلك التوقيع على مذكرة تفاهم لدراسة الجدوى الاقتصادية لبناء مفاعلين بتقنية المفاعل ذي الوحدات المدمجة الصغيرة في المملكة الأردنية الهاشمية لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه.