إذا أنت أوليت الجميل (لصاحب)
فذاك وفاء قدمته عباقره
ما أجمل التكريم وأحلاه لمن لهم آثار وأعمال مشرفة لخدمة وطنهم، وفي محيطهم الاجتماعي وتطيب لنفوس المكرمين وأسرهم..، ففي مساء يوم الجمعة 24-7-1438هـ أضاءت سماء محافظة ضرما ابتهاجا بحفل تكريم معلم ومربي الأنجال والأجيال الأستاذ عبدالرحمن بن سعود العجاجي «أبو سعود» برعاية سعادة محافظة ضرما الأستاذ الأديب سلطان بن سعد السديري، ولقد تلقيت دعوة كريمة من اللجنة المنظمة لذلك الحفل المبارك حفل الوفاء والاحتفاء بالأستاذ المربي.. المشهور بالحزم لما يتمتع به من حنكة، وحسن سياسة في أداء أعماله كلها..، فشخصت من بلدي محافظة حريملاء بقيادة أحد أنجالي البررة الأستاذ عبدالرحمن، لأسعد بحضور الاحتفاء بزميل الدراسة في دار التوحيد بالطائف، فهو زميل دراسة لا زميل فصل..، لاعتبار أن الدار بمنزلة الأم لجميع من كانت تحتضنهم، على مر عمرها الزمني خمسين حولاً:
خمسون عاما قد تولت كأنها
حلوم تقضت أو بروق خواطف
وقد استهل الحفل بآي من الذكر الحكيم رتلها الطالب النجيب عبدالرحمن المعمر، ثم ألقى الدكتور إبراهيم بن محمد التركي كلمة أعضاء لجنة التكريم، شكر فيها سعادة المحافظ الأستاذ سلطان بن سعد السديري والحضور الكرام، منوها بجهود المحتفى به، ثم شنّف أسماع الحضور الشاعر عبدالمحسن العبدان بقصيدة نالت استحسان الجميع، بعد ذلك قصيدة الشاعر خالد الحماد، وقد أجاد فيها، ثم ألقى الشاب الصغير محمد بن ماهر العجاجي، وقد قدم من محافظة الأحساء قصيدة نالت إعجاب الحضور، ثم شاهد الجميع عرضا مرئيا حول مسيرة حبيبنا الذي ولد في مدينة ضرماء، وعاش طفولته في أكنافها بين أهله وأترابه ولداته، يقضون سحابة يومهم في لهو ومرح، ولسان حال «أبو سعود» يردد في خاطره هذا البيت متمنيا عودة ذاك الزمن:
أوقات أنس قضيناها فما ذكرت
إلا وقطع قلب الصب ذكراها
وقد بدأ دراسته في الكتاب مبكراً في حفظ القرآن الكريم على يد عمه المقرئ محمد بن عبدالعزيز بن ثاقب العجاجي، وكان نابها سريع الحفظ رغم صغره، ثم واصل دراسته النظامية مرورا بدار التوحيد في مدينة الطائف حتى تأبط الشهادة العالية من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بمكة المكرمة عام 1384هـ بتقدير ممتاز..، ومن أبرز مشايخ الأستاذ عبدالرحمن العجاجي في كلية الشريعة
فضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي، بل معظم معلميه ومعلمينا من فطاحل علماء الأزهر الذين عناهم أمير الشعراء أحمد شوقي بهذا البيت:
قم في فم الدنيا وحيي الأزهرا
وانثر على سمع الزمان الجوهرا
ولقد زاول الأستاذ الفاضل عبدالرحمن عدداً من الأعمال الوظيفية بعد تخرجه في مواقع مختلفة تربوية مروراً بإدارة اليمامة الثانوية العملاقة، وظل بها تسع سنوات، التي خرّجت أجيالا تسنموا مناصب ومراكز قيادية، ثم تبلغت الوزارة رغبت سمو أمير الرياض الرئيس الفخري لمدارس الرياض الملك المحبوب سلمان بن عبدالعزيز -متعه الله بالصحة التامة ومديد العمر على أحسن حال- ترشيح الأستاذ عبدالرحمن مديراً عاماً لمدارس الرياض للبنين والبنات عام 1411هـ حتى أمضى فيها ستة عشر عاما كانت مكللة بنجاحات متتالية إلى أن قدم استقالته، ثم عمل عضوا في جمعية الإيمان الخيرية بالرياض التي من أبرز مؤسسيها وأعضائها: سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز والشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ، والشيخ صالح بن عبدالرحمن الحصين والدكتور محمد عبده يماني -رحمهم الله جميعاً-، والدكتور عبدالعزيز المفدى.
بعد ذلك، جاء دور تسليم الأستاذ عبدالرحمن المحتفى به عدداً من الدروع والهدايا التذكارية، كما تسلم سعادة محافظ ضرماء هدية بهذه المناسبة السعيدة، ثم ألقى سعادته كلمة ضافية وافية شكر فيها اللجنة المنظمة على هذه المبادرة المحمودة في تكريم أحد رجال التعليم البارزين، وأثنى على جهوده، متمنياً له حياة سعيدة وأياماً مشرقة تحفها أجنحة اليمن والمسرات، ومعلوم أن أبا سعود محبوب لدى ملوك هذا الوطن وأبنائه منذ ريعان شبابه، وكان يلقي بعض الأناشيد والكلمات بدأ أمام الملك سعود، وحتى ملكنا الحاضر سلمان -حفظه المولى ورعاه-، فهو ثبت الجنان غير هيّاب في المحافل والمنتديات، ومحبوب لدى زملائه وأبنائه الطلبة ومن كانت هذه صفته استعذب الناس ذكره، ولي معه ذكريات جميلة لا تغيب عن خاطري مدى الأيام، منها اجتماعنا في دورة مديري معاهد المعلمين والمراحل المتوسطة والثانويات بمدينة الطائف صيف عام 1386هـ لمدة خمسة وأربعين يوماً على مستوى مدارس المملكة، كما ضمن حفل مرور خمسين عاماً على تأسيس -أم المدارس- دار التوحيد 64-1415هـ مختتماً هذا المقال بهذين البيتين:
خلفت في الدنيا بياناً خالداً
وتركت أجيالاً من الأبناء
وغداً سيذكرك الزمان ولم يزل
للدهر إنصاف وحسن جزاء
مع الشكر للجميع العدول عن السابقة بعد تعديل طفيف وشكر.
- حريملاء