فهد بن جليد
يرى أفلاطون أن الإنسان ليس في حاجة صداقة الآخرين عند حالة الكمال لأنه يكتفي بذاته وقناعاته، ولا يرغب بصداقة غيره عندما يتصف بالنقص المُطلق (اليأس) لعدم جدوى البحث عن الكمال عند الآخرين، وأنَّ من يبحث عن الصداقة الحقيقية هم أولئك الذين يعيشون عادة في حالة الوسط ممن يبحثون عن التكامل مع غيرهم، هذه الفلسفة الأفلاطونية يعيشها الكثيرون بيننا اليوم في عالم الصداقة الافتراضي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عندما يوهم المُستخدم غيره بأنه مرغوب فيه، ويملك من القناعات والأفكار والميزات ما يجعله مُحاطاً بقاعدة عريضة من الأصدقاء والمُعجبين، حتى لو عانى من الوحدة في واقعه المُعاش.
من يدفع المال مُقابل صداقة افتراضية، يبحث عن تحقيق سعادة وهمية بكثرة اللايكات والرتيوت وزيادة أعداد المُتابعين، ومن لا يملك كل هذا يلعن نجاحات غيره الوهمية، وما بين هذا وذاك ثمة أصدقاء ليسوا بأصدقاء، يأتون فجأة ويذهبون فجأة، تماماً مثلما يفعل الغربيون الذين سبقونا مُنذ سنوات بأنواع من مثل هذه الصداقات الجديدة، برَّز منها (صداقة الاستئجار) التي تقدمها مراكز مُتخصصة، ومواقع إلكترونية، توفر أشخاص أنيقين بمواصفات خاصة وجذابة، للتقاط الصور معهم، ومُشاركتنا الجلوس في الحدائق والمطاعم، وحمل الهدايا في المناسبات الشخصية بمقابل (مبلغ بسيط) تستطيع بفضله نشر تلك الصور، لتبدو شخصاً مرغوباً فيه من الآخرين، ناجح اجتماعياً، محبوب يملك علاقات واسعه اجتماعياً، ومُحاط بأصدقاء كُثر من كافة شرائح المُجتمع.
بعض الصور التي نراها خادعة، لا تعكس بالضرورة (صداقة الودّ) الحقيقة، المبنية على أسس وعلاقات متينة ضمن تجارب إنسانية سامية قابلة للنجاح والفشل، فالجيل الجديد من حضور مناسباتنا الاجتماعية والعامة ليسوا كلهم أصدقاء، بينهم (مندسون) يحلمون بفلاشات العدسات، ويحملون هواتف ذكية تضمن لهم الحصول على (صداقات مجانية) بالتقاط الصور، ونشرها في اليوم التالي تماماً مثلما يفعل الغربيون على الطريقة الأفلاطونية.
وعلى دروب الخير نلتقي،،،