لبنى الخميس
حين تُسأل كيف حالك؟ فأنت إما تتجمل في إجابتك أو تجيب بالحقيقة التي من الممكن أن تكون: ممتاز، بخير ولله الحمد، تمام التمام، أو ماشي الحال.
أما الأخير فهو تعبير تقصد به أنّ أمورك لا تسير كما تشتهي ولكنها «ماشية»، وهذا بحد ذاته حالة ذهنية ونفسية تعوّدت أن ترضى بها مع الوقت قانعاً رغم المرارة مستسلماً رغم الألم. وغالباً ما تصل لتلك المرحلة بعد تجارب مع الإحباط، ومواقف مع الفشل والشعور بالغضب والملل من طول الانتظار.
لكن ما لا نعرفه بأنّ خطورة كلمة «ماشي الحال» ليس بنطقها بل بالتعوُّد عليها والارتياح لها، كونها كلمة مريحة ومخدّرة تمنحك شعوراً لذيذاً ومخادعاً بأنك لا تحمل أية مسؤولية للتغيير، بعكس تعبيرك عن استيائك حين تقول: أنا غاضب ومحتج وغير متقبّل للوضع الراهن.
هذا التصريح يترتب عليه أمام الناس ونفسك مسؤولية تغييره وتحسينه، بعكس كلمة ماشي الحال.. التي تمرر من خلالها معنى أن الوضع غير جيد ولكنك متصالح مع مرارته وصعوبته وتدميره لحياتك، وهذا استلام صريح وموجع للظروف!
ولا مانع أن يكون هناك جانب واحد من حياتك ولفترة محدودة في خانة ماشي الحال ولكن المؤلم أن تكون أحلامك وأعمالك وعلاقاتك وصحتك.. ماشي الحال!
وزنك في ازدياد وصحتك تتدهور ماشي الحال.. فقدت إيمانك بنفسك وبأهدافك ماشي الحال.. علاقتك الزوجية وروابطك الاجتماعية في انحدار ماشي الحال! ما ينذر بوجود مشكلة تتفاقم كمرض خبيث يجري في عروق حياتك لسنوات دون أن تنتبه لما يخلفه من انهزامية ولامبالاة.
ماشي الحال هي منطقة رمادية مراوغة لا تدفعك للأمام ولا تنذرك بأنك في الخلف، بل تمنحك شعوراً وهمياً ومخادعاً بالأمان.
الولايات المتحدة حين وضعت أول قدم على سطح القمر في عهد الرئيس كينيدي لم يكن حال العلوم لديها ماشي الحال، ألمانيا حين توّجت بكأس العالم لم يكن أدائها الكروي ماشي الحال.. نجيب محفوظ حين فاز بجائزة نوبل للأدب لم يكن أدبه ماشي الحال.. أنت حين كنت في أسعد وأجمل وأكثر أوقات حياتك إنجازاً لم تكن في خانة ماشي الحال!
لا ترتاح وتعتاد على هذه المفردة.. لأنّ الكلمات مثل البذور مجرد نطقها يمنحها الحياة.. لذلك اختر الأقوال التي تقودك للأفعال.. واختر النهوض بدل الاستسلام.. النصر بدل الانهزام.. والقرار بدل للتردد.