محمد الكثيري
لن أكتب عن ذات المشروع، الذي أعلن عنه مؤخرا تحت مسمى مشروع القدية، لأنني لا أعرف التفاصيل. ولكنني سأكتب عن الفكرة المتمثلة في قيام صندوق الاستثمارات العامة، وهو الذراع الاستثماري للدولة، بالتوجه داخليا في استثماراته، وهذا هو ما يهمني كثيرا، وما أراه توجها إيجابيا ومحمودا يجب الاحتفاء به وتشجيعه والمطالبة بزيادته والرفع من مستواه.
كانت المطالبات قائمة، ومنذ عدة سنوات، بأن يلتفت صندوق الاستثمارات العامة للداخل، ويعيد الكثير من أمواله المستثمرة في الخارج ويوجهها للداخل، إذ هو أولى أن يفعل ذلك، ويجب أن يكون قدوة لرجال الأعمال والمستثمرين، الذين نعمل ما في وسعنا جاهدين لاقناعهم بانشاء مشاريعهم في بلادنا، لأهمية تلك المشاريع للتنمية الاقتصادية، تحديدا، واسهامها في خلق الوظائف والدفع بعجلة الاقتصاد الى الأمام.
تلك المناشدات كانت قائمة، في وقت كان فيه الاقتصاد في أوج ازدهاره، وكانت المشاريع تنتشر في كل زاوية من زوايا البلد، وكان الانفاق الحكومي في قمته، لدرجة فاق فيها قدرة القطاع الخاص على التجاوب معه واستيعابه، وبالذات في جانب الإنشاءات والمشاريع منه. المرحلة التي نمر بها الآن تختلف كثيرا، فهي أشبه بركود اقتصادي عانى منه القطاع الخاص ووصل إلى مرحلة التوقف، بل صار القائمون على ذلك القطاع مترددين وأكثر تحوطا وتحفظا في الدخول في مشاريع واستثمارات جديدة، مما يجعل مطالبات صندوق الاستثمارات بالاستثمار في الداخل أكثر الحاحا وحاجة الآن من أي وقت مضى. الصندوق بإمكاناته وقدراته المالية، بل واستعداده لتحمل جانب المخاطرة أولى بتحريك البلد اقتصاديا وضخ المياه، شبه الراكده، في شرايينه. بل إن الأمر يتجاوز المطالبة بأن يبادر الصندوق بتحريك الاقتصاد بالاستثمار في داخل البلد، الى أن يبادر بتبني مشروعات واستثمارات قد لا يكون القطاع الخاص قادرا على تبنيها وأخذ المخاطرة فيها.
المرحلة الحالية، ورؤية المملكة2030،تتطلب استثمارات ومشاريع نوعية قد تفوق قدرات وإمكانات القطاع الخاص، بل قد تكون أقل جاذبية بحسابات الربح والخسارة وبالذات في بداياتها، مما يجعل قيادة صندوق الاستثمارات العامة لمثل تلك التوجهات الاستثمارية أمرا حتميا، أخذا في الحسبان حاجات مناطق المملكة المختلفة لاستثمارات تسهم في تحقيق تطلعاتها التنموية.