د. محمد عبدالله الخازم
تطوير ما يعرف بالقطاع الاقتصادي الثالث المتمثل في مشاركة مؤسسات المجتمع الأهلية في العمل غير الربحي والخيري والوقفي يمثل إحدى ركائز تطوير الاقتصاد وبالتالي فهو مكون رئيس في رؤية المملكة الاقتصادية المستقبلية. هذا القطاع يتمثل في أربعة أنواع رئيسة من المؤسسات أو الجمعيات وهي:
1 - الخيرية charitable
2 - التعاونية cooperative
3 - غير الربحية non-profit/ foundation
4 - الوقفية endowment
وزارة التنمية الاجتماعية لدينا تشرف على هذا القطاع - أو هكذا يفترض- لكن الواقع يشير إلى تنظيماتها وتشريعاتها في هذا الشأن تركز على الفئتين الأول؛ الجمعيات الخيرية والتعاونية؛ وليس لديها تشريعات واضحة حول الفئتين الأخريتين.
لنبدأ بالأوقاف وهي آلية تمويل لأي من المؤسسات والقطاعات الأخرى، لكنها تحتل مكانة رئيسة عند نقاش العمل غير الربحي. الأوقاف لديها هيئة تترنح تحت مظلة وزارة الشؤون الإسلامية. مفهوم الأوقاف الحديثة بجوانبه التنظيمية والاقتصادية الحديثة يحتاج تطوير التشريعات. هناك توجه لدى بعض الجامعات والمؤسسات التعليمية والثقافية والصحية نحو تأسيس مفهوم الأوقاف لكن الآليات لا تساعدهم على ذلك بشكل ميسر وسهل. بدليل تعثر أوقاف بعض الجامعات دون أن نعرف المرجعية التي صرحت بها وتتابعه وتحكمه.
الأوقاف ربما تكون شروطها وتعريفاتها من الناحية الدينية واضحة، لكن تظل بحاجة إلى تأطير مرجعيتها وتطوير وتسهيل أنظمتها الإجرائية المختلفة كأنظمة الحوكمة والتقارير المحاسبية السنوية وغير ذلك.
المؤسسات غير الربحية هي المفهوم غير الواضح في التشريعات المحلية. البعض يعتبر كل مؤسسة غير ربحية جمعية خيرية وهذا مفهوم غير صحيح في التعريفات المتقدمة. الجمعية الخيرية وضمن مسماها يجب أن تخصص جزءا كبيرا من دخلها للعمل الخيري بينما لا يعتبر ذلك شرطاً لجميع المؤسسات غير الربحية التي ليس مطلوباً منها أن تصرف أرباحها في العمل الخيري وإنما في عمل يعود ريعه لتطوير المؤسسة ذاتها. على سبيل المثال بإمكان الجامعة أو المستشفى أن يكون مؤسسة غير ربحية، لكن عمله يبنى على أسس اقتصادية وفكرة غير ربحية تعني أن تحقيق رسالته النوعية يسبق هم تعظيم الأرباح وجل دخله يستخدم في تطويره وليس في توزيعه كصدقة أو أرباح للملاك. غياب التعريف والتشريع للمؤسسة غير الربحية غير الخيرية أو غير التعاونية يجعل مؤسسات مثل مسك أو جامعة الأمير سلطان تنضوي تحت مظلة مسميات جمعيات خيرية بينما واقعها غير ذلك.
كما أن غياب هذا المفهوم يجعلنا لا نرى مؤسسات (Foundations) تخص أرامكو وسابك والسعودية والبنوك غير الربحية. مثال آخر نرى مؤسسة الوليد بن طلال تصنف كمؤسسة غير ربحية (Foundation) خارجياً وكمؤسسة خيرية Charitable داخليا. عالمياً نجد من أشهر المؤسسات غير الربحية مؤسسة فورد، وهي مؤسسة تاريخية انتشرت عالمياً وأصبحت رؤوس أموالها بالمليارات، وقد تساءلت يوماً هل نرى مسك الخيرية تصبح فورد السعودية! هذه شروحات مبسطة بعد ملاحظة ضعف التعريفات حتى لدى وزارة التنمية التي تهمل وضع تشريعات للمؤسسات غير الربحية التي لا تنضوي تحت مفهوم التعاوني أو الخيري. أعتقد أن تحرير المصطلحات وتطوير مفهوم المؤسسات غير الربحية سيسهم في زيادة مساهمة هذا القطاع المهم في عجلة الاقتصاد المحلية.