جاكرتا - وهيب الوهيبي:
رعى الرئيس الإندونيسي «جوكو ويدودو»، صباح أمس الخميس بحضور رئيس مجلس أمناء مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية، الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز الحفل الختامي لمسابقة الأمير سلطان لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية في القصر الجمهوري بالعاصمة جاكرتا وشهد الحفل الخطابي عددًا من المشايخ وضيوف المسابقة وصالح الخليفي مدير عام مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية.
ورحب فخامته بصاحب السمو الأمير خالد بن سلطان وسفراء الدول والمشايخ والعلماء والمشاركين في المسابقة وحضور الحفل.
بفضل الله وحمده ونعمته تم اختتام مسابقة القرآن الكريم والحديث الشريف لمسابقة الأمير سلطان بن عبد العزيز على مستوى الآسيان والباسفيك.
وقال: نحن كمسلمين يهمنا التعمق في القرآن والتدبر فيه، وأن يكون جزءًا من حياتنا، لافتًا إلى أن المسابقة تعد وسيلة لتطوير تلاوة وحفظ القرآن الكريم وتسهم في زيادة عمق التعليم الديني.
وهنأ فخامة الرئيس الحافظين والحافظات الفائزين بالجوائز وكافة المشاركين في المسابقة، لافتًا إلى أن من لم يحالفهم الحظ عليهم ألا يصابوا بخيبة أمل، وعليهم المشاركة في المواسم القادمة، فالفرصة ما زالت متاحة، مشيرًا إلى أن الأهم أن تتواصل إقامة الشعائر الإسلامية وتطبيق تعاليم القرآن.
وأضاف: يجب أن يظهر المسلمون سماحة الدين الإسلامي، وأنه دين سلام ينهى عن العنف وإشاعة الفتن، ودين يدعو للرحمة.
وألقى صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز رئيس مجلس أمناء مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية، كلمة رحب في مستهلها بفخامة الرئيس الإندونيسي والحضور.
وأعرب سموه عن تقديره لرئيس وحكومة وشعب إندونيسيا على استضافة فعاليات المسابقة في دورتها الثامنة ولاهتمام فخامته شخصيًا بتطويرها واتساعها لتضم خمسًا وعشرين دولة من آسيا والباسفيك فضلاً عن الكرم وحسن الاستقبال، ناقلاً سموه تحيات مجلس أمناء مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية وتقديرها على ما قدم من مساندة مميزة لهذه المسابقة الرائدة.
وتوجه سموه بالشكر والتقدير للشعب الإندونيسي الذي يضرب المثل في تحقيق أسمى الخصال والسمات والعيش في وئام وسلام وإخاء ويوجهون طاقاتهم للعمل والإنتاج والتنمية والنماء شعب فاق تعداده مائتين وثمانية وخمسين مليون نسمة من خمسة عشر عرقًا ويتحدثون عديدًا من اللغات واللهجات ويعتنقون ديانات وعقائد مختلفة وعلى الرغم من ذلك يعيشون في انسجام وطمأنينة من دون أحقاد وشحناء ومن دون تكفير أو اعتداء وهم مخلصون لوطنهم حريصون على أمنه واستقراره.
وقال سموه: إنهم حقًا أنموذج لدول العالم الإسلامي ينبغي أن يحتذى، أدركوا أن الله خلق عباده أحرارًا وأن الإسلام كفل أسلوب الحوار المثمر المتسامح والمعاملة الحسنة وعدم اللجوء إلى التكفير والاعتداء، نعم إنهم شعب يجب أن يحتذى.
وأكَّد سموه أن مسابقة الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية على مستوى آسيان والباسفيك مسابقة تحرص على تحقيق غايتين هما ربط الجيل الجديد بكتاب الله الكريم وسنة المصطفى عليه الصلاة والسلام وتقوية صلتهم بهما والاهتداء بأحكامهما والتخلق بآدابهما فالحفظ والتدبر والوعي والدراسة والإبداع والابتكار مع العلم والعمل والإنتاج هم السبيل إلى النهوض بالدول اقتصاديًا واجتماعيًا واللحاق بالركب الحضاري والتقدم الإِنساني.
ونوه سمو الأمير خالد بن سلطان بالعلاقات السعودية الإندونيسية وعدها أنموذجًا للتعاون المثمر الخير بين دولتين إسلاميتين محوريتين تجسدان قيم الإسلام الخالدة القائمة على السلام والتكافل والأمن والأمان والمساندة المتبادلة معبرة عن قوة الترابط وعمق العلاقات، مشيرًا سموه إلى ما شهدته زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- مؤخرًا لإندونيسيا من حفاوة وتعزيز لأواصر التعاون.
وقال سموه: ما كان لي أن أقف متحدثًا إليكم في مثل هذه المناسبة العظيمة من دون أن أشير إلى ما نحن فيه من بلاء وابتلاء ومن دون أن أذكر مآسي التطرف في الفكر والإرهاب في الفعل، خاصة أنه يتبني كثيرًا من أطروحاته بدعوى الإسلام والإسلام منه براء وما يزيد من العجب أن الإرهاب أصبح يضم بين جنباته أنماطًا متعددة من المؤيدين الفقير والغني، المتعلم والجاهل، الشاب والمسن، البعيد والقريب، الغربي والشرقي وأضحى يمتلك أذكى الأسلحة والذخائر دقة والأدوات والمعدات تدميرًا وصار بين أيديهم أحدث ما وصلت إليه تقنية المعلومات والاتصالات مشكلين كتائب إلكترونية وظيفتها التواصل بدءًا من الأطفال أولاً ثم الشباب ذكورًا وإناثًا وهذا ما يركزون عليه، ثانيًا ثم الرجال والشيوخ والمسنون.. كتائب إلكترونية متطورة تستخدم علم النفس وتنفخ سمومها وفق أساليب علمية واحترافية وبتنا نرى دولاً تحارب الإرهاب في العلن وتسانده في الخفاء، أناس تركوا أوطانهم وترعرعوا في دول مضيفة ينقلبون عليها وتكون تلك الدول من أولى أهدافهم وأناس عاشوا وتربوا وعلموا على أرض أوطانهم فإذا هم أعداء لهم بل باتت أول أهدافهم ولا يهم من يقتلون ومن يعذبون ومن يحرقون.
وأضاف الأمير خالد بن سلطان: أضحى الشغل الشاغل لوسائط الإعلام جميعها هو هذا البلاء المستطير أخباره وجماعاته، تمويله وأتباعه حتى غدا زعماء الإرهاب ورؤوسه كأنهم نجوم وأبطال أسطوريون تتبع المجتمعات أخبارهم الضالة المضلة وتهتم بها.
وتابع سموه يقول: سبق أن كتبت في مقدمة كتيب عن الأمن الفكري صدر عام ألف وأربعمائة وثلاثين من الهجرة النبوية الشريفة الموافق للعام الميلادي الفين وتسعة عن فئات الإرهابيين تحديدًا لكي تستطيع مجابهتهم وذكرت ينبغي أن نضع تعريفًا واضحًا للمتطرف أو منحرف التفكير الذي يتحول بالضرورة إلى إرهابي يهدد الأمن الفكري والأمن الوطني، فهل هو من فجر نفسه أو من فجر عن بعد أم أنه اليد التي نفذت بمساعدة آخرين لا يقلون عنه جرمًا وتتفق معظم الآراء على أن الإرهابي هو كل من أسهم في السلوك الإرهابي إسهامًا مباشرًا أو غير مباشر والمسهمون ستة أولهم المفكرون أو المنظرون وثانيهم المخططون وثالثهم الممولون ورابعهم المحرضون وخامسهم المؤيدون والمتعاطفون وسادسهم المنفذون وهم من يقترفون التفجير والاغتيالات، إنهم الأدوات في أيدي المسهمين الخمسة السابقين والسؤال هل أسلوب مواجهة هذه الفئات الست واحدًا أم لكل فئة أسلوب يلائم خطرهم.
وبين سموه أن خطر الفكر المتطرف في العصر الحديث أنه صار صناعة تقف وراءها جماعات مصالح وسياسات دول توظفه لخدمتها ولو على حساب الدول الأخرى واستقرارها وحياة شعوبها.
وقال: ذكر أحد العلماء الأفاضل أن من أخطر أساب التطرف والإرهاب هو الجهل وغياب الوعي الديني لدى الفئات الست، إِذ كتب أن مثلث الرعب الذي يواجه الأمم والشعوب هو الجهل والفقر والمرض، نعم هذا هو المثلث الذي يمثل الخطر المعوق والمعرقل لتلكم الأمم والشعوب ولكن الضلع الأعظم خطرًا هو الجهل وهو ما ينبغي أن تواجهه المجتمعات والمنظمات والدول والجهات المختلفة بمثقفيها ومفكريها وعلمائها أن أعظم أركان الجهل هو الجهل الديني وانتشار الثقافات الدينية الجامدة التي لا تنتج فكرًا أو تقدم فقهًا ولكن تنتج غلوًا وتطرفًا هما الحاضنة الأولى لصناعة الإرهاب والإفساد في الأرض، إفساد الفكر وإفساد العقل.
وأوضح سموه أن تجدد الخطاب الديني لم يعد شيئًا يمكن تأجيله وإنما أصبح قضية أمن وطني بكل ما تحمله من دلالات وتفسيرات وتأويلات إِذ باتت قضية أمن وأمان وخوف واطمئنان قضية قد تؤدي إلى استقرار ورخاء أو فوضى وجهل وإساءة إلى الدين الواحد أن الدين عند الله الإسلام.
وقال: لقد جئت لالتقى شبابًا هم أمل الأمة الإسلامية في تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام وتوضيح محاولات التأويل الفاسد للنصوص الشرعية شبابًا سيكونون سفراء للأمة في دولهم عزمًا في أفعالهم وصدقًا في أقوالهم، فضلاً عن ذلك قدوة في عملهم سباقون إلى العلم وسطيون في العقيدة راشدون في السلوك ناشرون للثقافات النافعة ومؤدون عباداتهم ومحسنون معاملاتهم خلقهم القرآن وقدوتهم رسول الرحمن وهدفهم رفعة الأوطان فلتجعلوا غايتكم تفكيك الفكر المتطرف وكشف أباطيلة وزيفه وضلاله حتى لا ينخدع به شبابنا أو يقعوا فريسة لهذه التنظيمات بعيدًا عن سلوك الذئاب المنفردة وليكن ذلك هدفهم وتلك غايتكم.
وهنأ سمو الأمير خالد بن سلطان الفائزين والمشاركين كافة، مجددًا شكره لإندونيسيا على ما بذل في خدمة المسابقة وتطوير فعاليتها تحقيقًا لأهدافها، وللعاملين على شؤون الجائزة في سفارة خادم الحرمين الشريفين في جاكرتا وفي المؤسسات الدينية في كلا البلدين.
كما وجه الشكر لكل القائمين على شؤون المسابقة في سفارة خادم الحرمين الشريفين في جاكرتا وفي المؤسسات الدينية في كلا البلدين.
وزير الشؤون الدينية الإندونيسي لقمان حكيم سيف الدين رحب بفخامة رئيس الجمهورية الإندونيسية، وبسمو الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز والحضور.
وأوضح أن هذه المسابقة أصبحت عملاً سنويًا مشتركًا بين الملحق الديني بسفارة المملكة ووزارة الشؤون الدينية الإندونيسية مؤكدًا أنها ثقة وتقدير وصداقة لا تقاس بالقيمة فهذا الحدث الديني له معنى كبير لآسيا ودول الباسفيك كقلب سلام عالمي لاستقرارها.
وأكَّد أن حضور الأمير سلطان بن عبدالعزيز كضيف شرف للمسابقة، ميزة لنا، مبينًا أن الهدف من المسابقة هو منح التشجيع للمجتمع الآسيوي والباسيفيك لحفظ القرآن الكريم والحديث النبوي وتقوية العلاقات بين شباب المسلمين وحثهم على القرآن والحديث كمصدرين للإسلام علميًا وعمليًا، كما تهدف كذلك لتدعيم القرآن وتطبيق قيمة والتأسي بالأخلاق القرآنية والحفاظ وحماية العقيدة الصحيحة بعدًا عن الفهم الخاطئ المنحرف، وكوسيلة لتوطيد العلاقات والوحدة بين الشعوب والدول وكذلك أواصر الصداقة بين تلك الدول.
وبين أن مجموع المشاركين في المسابقة 96 متسابقًا منهم 83 حافظًا للقرآن الكريم و13 حافظًا للسنة النبوية و16 مرافقًا وقد أقيمت المسابقة في مسجد الاستقلال بجاكرتا، لافتًا إلى أن أعداد المشاركين يزداد من سنة لأخرى وهذا يدل على نجاح المسابقة وكذلك نجاح العلاقات بين الدول، لافتًا إلى أن هذا العام تميز بمشاركة العنصر النسائي.
وشكر وزير الشؤون الدينية، حكومة المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز على التعاون البناء، متمنيًا أن يستمر هذا التعاون مستقبلاً.