حمّاد السالمي
* الإعلام في أبسط تعريف له؛ هو وسيلة لنشر الأخبار، ونقل المعلومات، وتبادل المعرفة مع الآخر.
* عرف الناس هذه الوسيلة حتى قبل اختراع الورق والمطبعة؛ فكان هناك تبادل معلوماتي شفاهي، ونقش الإنسان البدائي أشكالاً ورموزاً على الخشب والحجر، وكتب على أوراق النخيل ولحاء الأخشاب والعظام والجلود، إلى أن وصل إلى ورق نبات البردي عند المصريين القدامى. وظهر أول شكل للورق عند الصينيين عام 105م، ثم ظهرت الطباعة أولاً في كوريا عام 1234م، ثم في ألمانيا عام 1455م. الأمر الذي ساعد على ظهور أول صحيفة ورقية بالشكل الذي نعرفه في بريطانيا عام 1785م، وهي (التايمز).
* ظل الإعلام المؤثر في حياة الناس معرفة وتسلية وترفيهًا وحربًا وسلمًا هو الصحف الورقية قرابة قرنين من الزمان، حتى ظهرت الإذاعة، وظهرت التلفزة بعدها، فشكلت ثلاثيًا إعلاميًا مفيدًا جدًا، وخطرًا للغاية. بعد ذلك؛ توسعت دائرة الإعلام، لتشمل ما أطلق عليه في زمننا هذا: (السوشيال ميديا)، فتكونت منظومة عريضة متطورة من وسائط إلكترونية جاذبة وطاغية، وهي مع هذا كله؛ لا تنفصل عن مفهوم الإعلام الذي تديره وتسيطر عليه الحكومات والمؤسسات في شتى أنحاء العالم.
* هل أسقط الإعلام الجديد الثلاثي الإعلامي الأول: (صحافة - إذاعة - تلفزة)..؟.
* لم يسقطها.. بل أضعف منها بعض الشيء، فالصحافة الورقية والإذاعة والتلفزة؛ ما زالت في صدارة الاهتمام عند حكومات الدول ومجتمعاتها.
* ظل الإعلام منذ ظهور الصحف الورقية؛ الشغل الشاغل للقادة والساسة في الفكر، وفي المعارك الحربية. الكل يستخدمه لقيادة الشعوب إلى تحقيق انتصارات، والوصول إلى أهداف ثقافية وتنموية وخلافها. فمما ورد في خطورة الإعلام وأهميته قول (مالكوم إكس).. الداعية الإسلامي الأميركي: (وسائل الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الأرض. هي التي لديها القدرة على جعل الأبرياء مذنبين، وجعل المذنبين أبرياء، وهذه هي القوة. لأنها تتحكم في عقول الجماهير).. وهناك شهادات أُخَرَ في بيان دور الإعلام والصحافة بشكل خاص في تغيير العالم. يقول المؤلف المسرحي البريطاني (توم ستوبارد): (ما زلت مؤمناً أنك إذا أردت تغيير العالم؛ فالصحافة سلاح فوري وأسرع.. الذي يسيطر على وسائل الإعلام؛ يسيطر على العقول).
* كان كبار القادة في العالم؛ يخشون الصحافة، ويتقربون إليها، ويتوسلون بها، وهي التي أسست للمفهوم الإعلامي بعد اختراع ورق الطباعة وظهور المطبعة، ثم قادت فيما بعد كافة وسائله ووسائطه. من أقوال القائد الفرنسي الشهير (نابليون): (الصحافة ركن من أعظم الأركان التي تشيد عليها دعائم الحضارة والعمران). ثم قال: (أخاف من ثلاث صحف أكثر مما أخاف من مئات الآلاف من الطعنات بالرمح). وعندما جرى خلع (السلطان عبدالحميد الثاني) قال: (لو عدت إلى يلدز؛ لوضعت محرري الجرائد كلهم في أتون كبريت)..!.
* هذه مقدمة طالت رغمًا عني، لكني أود أن أصل إلى إجابة عن سؤال يؤرقني هو: (ماذا قدّم ويقدم إعلامنا اليوم؛ لدعم ومساندة الجهود الحربية التي تخوضها بلادنا على جبهات عدة)..؟.
* المملكة تخوض حربًا عسكرية مع إيران الصفوية على الحدود مع اليمن، وتتصدى للعدوان الصفوي الإيراني في أكثر من قطر عربي.. وتخوض حربًا أخرى مع المشروع الإرهابي القاعدي والداعشي في الداخل والخارج، وحربًا شرسة أخرى مع تهريب المخدرات، وتخوض حربًا كبيرة كذلك مع ستين مليون عدو إلكتروني يستهدف الوحدة الوطنية، ويشكك في العلاقة الحميمة التي تربط بين الشعب وقيادته، ويخلق من مواقف السخرية والاستهزاء، ما يطعن في ثوابت السعوديين الدينية والأخلاقية، ويحرض على العداء المذهبي، ويكرس الكراهية القبلية والطبقية.
* ماذا تفعل صحافتنا ورقية كانت أو إلكترونية..؟ وماذا تقدم إذاعاتنا العديدة، وتلفزاتنا الكثيرة..؟ وماذا لدى منصاتنا في وسائل التواصل الاجتماعي من حشد تواجه به أكاذيب الكذابين، وافتراءات المفترين، ومغالطات المغالطين، وحقد الحاقدين، وحسد الحاسدين، وعداء المعتدين؛ الذين أصبحوا في عداد الملايين، من كل حدب وصوب..؟.
* يأتي هذا السؤال؛ في الوقت الذي تلتفت فيه القيادة الرشيدة لوزارة الثقافة والإعلام، فتسندها إلى وزير جديد. إنها التفاتة إصلاح وتحفيز لما هو مطلوب من هذه الوزارة المهمة، في هذه الظروف الصعبة. كيف لا.. ووزارة الثقافة والإعلام هي: (جبهتنا الإعلامية) التي ينبغي أن تكون فاعلة على كافة الجبهات، بكل ما لديها من أدوات إعلامية: (صحافية، وإذاعية، وتلفزية، وإخبارية، وإعلام جديد).
* أتمنى أن تكون هناك أمام الوزير الدكتور: (عواد بن صالح العواد)؛ رؤية إعلامية موازية لرؤية المملكة 2030م، تنطلق من إستراتيجية وطنية شاملة، تضع إعلامنا السعودي في قلب الحدث، وفي مواجهة التحديات، بتطوير الأداء التلفزي والإذاعي، وسرعة البحث في دعم الصحف الورقية، التي هي ذراع الدولة القوية، وهمزة وصلها بالمجتمع، لكي تبقى كما كانت قوية وفاعلة، وممثلة لوطنها وحكومتها ومجتمعها.
* إن أهمية الإعلام تزداد، وخطره يعظم ، فكم من سلم اجتماعي عزّزه إعلام، وكم من حرب ضروس أشعلها إعلام. وعالم اليوم؛ يتنازع قيادته وأحداثه؛ الاقتصاد من جهة، والإعلام من جهة.
* ليكن إعلامنا قائدًا لا مقودًا. داعيًا للسلم وقت السلم، ومحاربًا مع الجنود على الجبهات، وشريكًا أساسيًا في التغيير والبناء والتعمير.