د. عبد الله المعيلي
مما وقر في أذهان كثير من البشر أن الحيوان كائن عدواني شرس، معتدٍ ظالم؛ فكثيرًا ما تواترت عنه صور تظهره قاتلاً معتديًا، سمته العدوان، مفترسًا وحشًا، ليس على بني جنسه فقط، بل طالت عدوانيته الإنسان. هذا ما هو معروف متواتر. قد تكون هناك حالات اعتداء من بعض الحيوانات على الإنسان، لكنها قليلة جدًّا.
لكن ما هي حقيقة الحيوان؟ هل هو عدواني؟ وإلى هذه الدرجة من الوحشية والعدوانية؟ الحقيقة: لا. إن من يتأمل سلوك الحيوان، وعلاقته مع بني جنسه، وعلاقته مع الإنسان، يتبيَّن له أنه يختلف تمامًا عما وقر في ذهن بني البشر عنه، بل بين الحيوانات الكثير من الود والتعاون والعون والمساعدة، ليس هذا فقط، بل شاهدنا له العديد من المواقف، تثبت أنه قد يساعد الإنسان، ويتآلف معه.
لعل أحدًا منكم شاهد في الفيديوهات المنشورة في مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من الثيران، تعرَّض أحد أفرادها إلى اعتداء من مجموعة من الأسود؛ فتجمعت الثيران، وبقيت تلاحظ مدى قدرة الثور على التغلب على الأسود، وظل الثور المعتدى عليه يقاتل ويقاوم ويكابد، لكن تكالبت عليه مجموعة من الأسود وغلبته، وطرحته على الأرض؛ فما كان من مجموعة الثيران إلا أن هجمت مجتمعة على الأسود حتى فرت الأسود هاربة، وقام الثور الجريح، ولحق بمجموعته، كأن هذه الثيران قرأت قول الشاعر:
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا
وإذا افترقن تكسرت آحادا
وهناك صورة أخرى في منتهى الرحمة والشفقة لجرو كلب سقط في حفرة، وحاول الجرو أن يخرج من الحفرة محاولات عدة، لكنه فشل، وشاهده كلب كبير؛ فما كان منه إلا أن أحضر غصن شجرة، وناولها الجرو في الحفرة؛ علَّه يتمسك به، ويساعده على الخروج. تمسك الجرو بالغصن، وحاول الخروج، لكنه فشل أيضًا رغم تكرار المحاولات. شاهده الكلب الكبير عاجزًا؛ فما كان منه إلا أن ذهب مسرعًا، ثم عاد ومعه حبل، ناوله الجرو؛ فأمسك الجرو به بفمه، وعندئذ سحبه الكلب الكبير حتى خرج الجرو من الحفرة.
صورة في منتهى الجمال والرحمة والشفقة والتعاون.. هذا هو السلوك الغالب على الحيوان بكل فئاته وأنواعه، لا يعتدي على بني جنسه، بل يعاضده ويساعده ويعاونه في المواقف التي تحتاج إلى مساعدة وعون.
لكن ماذا نقول عن صور الظلم والعدوان والبغي والقتل المتعمد المعلن صباح مساء.. قتل للمسلم السني على الهوية، بل وصل إلى كل من سُمي «عمر»؟!.. تلك الصور التي لا يمكن تصورها، ولا تحمُّل رؤيتها، بشعة مؤلمة، يرتكبها الظالمون المعتدون من أذناب الصفوية المجوسية في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين.. يرتكبها ما يسمى الحشد الشعبي في العراق ضد السنة في الموصل وغيرها من محافظات العراق، وحزب اللات في سوريا وفي لبنان، والحوثيون في اليمن، وكذا ما يقوم به المسخ البشري المدعو بشار في سوريا.. قتل جماعي بالبراميل الحارقة، والقنابل الكيماوية المحرمة.
لم يتجاوز الحقيقة الرئيس الأمريكي ترامب عندما وصف بشار بالحيوان، لكن ما يقوم به بشار لا يقوم به الحيوان؛ فالحيوان يحتج، ولسان حاله يقول: إنكم تظلموننا إن وضعتمونا في مرتبة تماثل بشار؛ فنحن أسمى منه خلقًا وسلوكًا.
آن الأوان لطرد الأضل من الحيوان، وتخليص الشعب السوري من ظلمه وعدوانه.. قال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} (سورة الفرقان 44).