د. هيا بنت عبدالرحمن السمهري
منذ أن درجنا على ثرى هذه الأرض الغالية؛ ونحن نردد أنها فوق هام السحب، ونعي تماما بأنها ذات طاقات وفرص، وأن ارتيادها غنم وغنى، ومسترادها فكر مُبِين وتبر ثمين، وكانت الصورة أمامنا جلية في حديث ولي ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان الموجه للشعب السعودي في حلقة فريدة من برنامج «الثامنة مع داوود»... وأجزم أنه لم يجتمع حشد للاستماع والمشاهدة أمام شاشة التلفاز مثلما كان الناس في تلك الليلة، وسبق اللقاء ترقب ودود لذلك المنبر القوي، واستشراف لحديث السياسة السعودية من منبرها العالي؛ تلك السياسة الذكية في الحرب والمتفوقة في السلم واللافتة في الاقتصاد ومحفزاته، وممكنات التحول الوطني وبرامجه، والشأن الوطني الداخلي والخارجي، وانحسار الفساد ومغادرته لفضاءات بلادنا الصافية؛ وأسئلة مثيرة وغزيرة وكثيرة من وجيب الشعب، وربما سبق اللقاء من يردد، «لكل امرئ من دهره ما تعودا» وعندما بث التلفزيون لقاء ولي ولي العهد في حلقة الثامنة كان قافزا حافزا جليا من خلال المحددات الإحصائية ولغة الأرقام التي كانت تشرق كلما مر السياق في حديث سموه، فكان ذلك شاهدا وفيرا على رؤية بلادنا الفريدة وليت الإعلامي المتألق «داوود الشريان» يستبدل حلقة برنامجه الذي وسمها بالثامنة لتصبح الحلقة «الماسية» في تاريخ البرنامج الجماهيري الشهير، حيث كان فارسها مختلفا رأيا وروية ورؤية، فلقد بدا لنا سمو ولي ولي العهد مخططا استراتيجيا بارعا في ملاحظة المؤشرات التي تحيط بالعواطف الوطنية الجماعية، فالنهوض بالسياسات التنظيمية قدرة فريدة على التحول وفهم استراتيجياته فهما مغايرا للفهم السائد والابتعاد عن مصادر التلقي المألوفة، وتأسيسا على تلك البراعة كانت المصداقية العالية في قيادة التغيير الاستراتيجي، وإلهام القيادات التنفيذية في كل القطاعات التنموية للسير باتجاه تحقيق الأهداف الوطنية المشتركة، ومن خلال الشفافية التي أحاطت بكل مفاصل اللقاء فإن سموه ما فتىء يعلي من شأن الرضا الذاتي للمواطن في دعم الجهود ومواجهة المخاطر المحتملة التي يتكئ عليها التغيير الاستراتيجي،
ولقد كان مجمل حديث سمو ولي ولي العهد صياغات متينة خاطب بها سموه الجانب العقلاني عند المشاهدين، وهذا ما يفضي إلى الالتزام العاطفي وبناء منظومة الثقة من خلال الخطط الجيدة العميقة والثقافة الأعمق، ومن مؤشرات تكامل اللقاء أن سموه تحدث باستفاضة مركزة عن الترتيبات التي تصنعها البلاد حاليا لتجسيد استدامة التميز الاستراتيجي الذي دخلت البلاد أجواءه وحلقت فيها بفضل الله منذ انطلاق الرؤية 2030، وتلك الترتيبات شملت كما ذكر سمو ولي ولي العهد زيادة مستوى وضوح المبادرات والبرامج وتوسيع نطاقها وأنها تنطلق من التأثير الكبير على الواقع التنموي وتحويله إلى منافع طويلة الأمد من خلال الإيرادات والفاعلية الاقتصادية وترقية الواقع العام جميعه، كما لمستُ والمشاهدون غيري ما كان في حديث ولي ولي العهد عن الاستراتيجيات الأخرى المهمة تلك التي تخفف من حدة العقبات في طريق تحقيق ممكنات النهوض التي أبرزها سموه من خلال الإعلام في ذلك اللقاء المثير إيجابا وإعجابا لدى المواطن في داخل البلاد وفي برنامج جماهيري تعود المواطن أنه معه في كل شأنه وشجنه،
واعتلى لقاء سمو ولِي ولي العهد منصات الشفافية واستحكمت بين يديه كل قنوات الوعي والإدراك للشأن الوطني العام وهذا مما زرع الثقة وأشرع بوابات الأمل، وفند بالحقيقة والدليل كل دهاليز الإشاعات المظلمة فكانت المكاشفة اسلوبه ومنهجه --حفظه الله- مما أشاع الطمأنينة والإعجاب بموقف بلادنا في عالم اليوم، ومما ولد كذلك عند المواطن قناعة كبرى بحراك التغيير الذي تقوده بلادنا بقيادة واعية من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وولي ولي العهد حفظهم الله جميعا.