د. خيرية السقاف
من الطرائف الناجمة عن طيبة « قلوب» الناس في مجتمعنا, أنك تستطيع أن تؤرِّخ للأجيال
من خلال معرفة زمن بث المسلسلات التلفزيونية, ونوعية هذه المسلسلات, بل هويتها..
ذلك حين تعود لسجلات الأحوال المدنية واستخلاص تكرار الأسماء التي يحملها المواطنون, وتحديداً دقيقاً المواطنات!!
فتطوُّر نوعية, ونمط معطيات البرامج التلفازية تجدها في تطوُّر, وتنوُّع أسماء مواليد المرحلة, والتوقيت لهذه البرامج الفنية, وقد شاعت أسماء البادية بين الناس في البدء, ثم الأسماء الواردة في المسلسلات المكسيكية, فالأجنبية الأمريكية والأوربية, تلاها الأسماء التركية, ومن ثم الهندية, بعضها مقبول بمعناه, وكثيرها مرفوض بمبناه!!..
مع أنّ هناك توجهاً رسمياً برفض بعض الأسماء من قِبل سجلات توثيق المواليد لمن يتخيّر اسماً مستلاً من آية, أو دالاً على ديانة !!..
ولعل الباحث في الشأن الاجتماعي يمكنه وهو يتعقب تطوراً ما في المجتمع, أو ينقب في أثر ما له دوره في التغيير على مستوى تحدده فرضيات بحثه, وتوجبه عيِّـنته المختارة, أو العشوائية سوف لن يعجز عن الاستلال به, ورصده مؤشراً لصدق, وثبات نتائجه في المتغير الخاص بأسماء مواليد كل فترة زمنية تتعاقب على الأفراد في مجتمعنا!..
بيننا أسماء بعيدة كل البعد عن البيئة, وآخرها «إيفانكا» اسم أصغر مولودة في مستشفى الولادة بعرعر, حيث اختار لها والداها اسم ابنة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في تاريخ 29-7-1438 وتداول الخبر, ونشرته مواقع التواصل بصورة عن شهادة الميلاد, وصورة أخرى للطفلة « إيفانكا» السعودية, العربية !!..
ترى أكان في مخيلة والديها أنها ستصبح إيفانكا السعودية شبيهاً مطابقاً باسمها لابنة ترمب الأمريكية فتغدو زرقاء العينين, ممشوقة القامة, شقراء الشعر, ذات الأناقة الفائقة, والابتسامة العريضة كإيفانكا الأمريكية؟
أم ستكون النجمة الثرية ذات الحضور الضوئي, والفرصة الذهبية؟!
الأقرب للتوقع أنّ تسميتها بهذا الاسم جاء رغبة في أن تكون شبيهة شكل, ومظهر!!..
مع أنّ الأشباه الخارجية, والخصائص الخَلْـقية لا تسري بين اثنين إلا حين تورَّث جينيَّا, فما ستقول عندما تكبر «إيفانكا» السعودية بنت عرعر, سليلة الصحراء, وليدة العروبة, من عن يمينها فاطمة, وعن يسارها خديجة, وعن شمالها سلمى, وعن جنوبها وضحى لمن اختار لها هذا الاسم؟!
ربما في البيوت عشرات من أسماء تركية, وهندية, وغربية مستلة من قصص, وروايات, وبطلات أفلام, وسفر, لم يتعرض لها النشر, ولم تسلط عليها الأضواء لكنها ضمن أدوات بحث في صميم المؤثرات الفاعلة في المتغيرات من حولنا, وفق مراحل تنويع, وتطور الوسائل التي تعرّض لها الفرد, ودعمته بفيضها بما فيه أسماء المواليد..!
ليبارك الله لهذه المولودة فيما ستحظى به من تنشئة, وتأسيس يتطلع لها لأجيال هذا الوطن.