د. محمد عبدالله الخازم
زار معالي وزير الإسكان مؤخرًا الولايات المتحدة، وكذلك فعل معالي وزير الصحة، وغيرهما من المسؤولين. وأتساءل أحيانًا: لماذا دولة واحدة فقط تتكرر لها الزيارات؟ أعلم أن الولايات المتحدة ذات ثقل سياسي وعسكري على مستوى العالم؛ وبالتالي لا أستغرب تكرار زيارة السياسي والعسكري لها، كما أنها مركز استقطاب عالمي تقني وسياحي، وليس في ذلك اختلاف. لكن السؤال عن المجالات الأخرى. هل الولايات المتحدة تمثل النموذج الأمثل الذي نريد تقليده في مجال السياسات الإسكانية أو الصحية والاجتماعية؟ هل يقرأ ويطلع أصحاب المعالي الوزراء والمسؤولون على تجارب الدول المختلفة، فيدرسونها بعناية؛ ليستفيدوا منها؛ وبالتالي تكون زياراتهم مخططة وموجهة لدول مفيدة في مجالاتهم، أم أن زياراتهم للولايات المتحدة تأتي من باب المجاملات والبحث عن رحلات إعلامية؟ أو الاحتمال الآخر أنهم يتأثرون ويستجيبون بقصد أو دون قصد لتأثير العلاقات العامة التي تقوم بها الشركات والمؤسسات الكبرى؟ والأمريكان لهم سحرهم في هذا الجانب.
هل يوجد دولة واحدة هي الأميز في كل الجوانب وبقية الدول لا تستحق الزيارات وبحث الإيجابيات والسلبيات لديها؟ هل هي مسؤولية الوزراء أم السفارات السعودية والسفراء في مختلف الدول؟ أم أنه حتى السفارات واقعة تحت تأثير - تدركه أو لا تدركه - شركات ومؤسسات محددة، تسوِّق لها داخل السعودية؟
يبدو أن هناك شركات ومؤسسات وأشخاصًا لهم قدراتهم في اختراق أبواب السفارات والوزارات السعودية؛ فلا نصبح نرى سواهم في بعض الدول. عندما أجد مئات الملايين من الريالات تذهب لشركة أمريكية واحدة، تتعامل معها الصحة، أتساءل: هل تلك الشركة هي الأقدر ضمن شركات العالم لخدمتنا؟ وهل هناك من يقيِّم أعمالها وإنجازاتها ووعودها على مدى سنوات؟ وعندما أشاهد شخصًا واحدًا من دولة ما يقابل أكثر من وزير ومسؤول سعودي بشكل منتظم أتساءل: من الذي أسبغ عليه تلك الهالة؛ ليصبح المقرب وصاحب العلاقات الكبرى داخل بلادنا؟ هل هي سفارتنا في بلده أم إدراكه أسرار التعامل مع المسؤول السعودي الذي يرتاح لسماع اللكنة الأجنبية من صاحب الشعر الأشقر؟
تجدر الإشارة هنا إلى أن بعض الشركات والمؤسسات الغربية لديها أكثر من معيار للعمل وجودته وأخلاقياته.. تلتزم بأخلاقيات وضوابط صارمة ببلدانها، لكنها خارجيًّا تضع ذلك جانبًا، وتتحول إلى البحث عن الأرباح بأقل جودة ممكنة، بل بطريقة غير مثالية أو غير أخلاقية أحيانًا. بعضها يشرعن ذلك بالفصل بين كيانها الأساسي في بلدها وكيانها لدينا بإضافة مسمى الدولية أو العالمية، حتى يخرج الفرع الدولي من المساءلة في البلد الأم. دائمًا أضع علامة استفهام حول المؤسسات التي لديها مسمى داخل بلدها وآخر تضع عليه مسمى دولي أو عالمي خارجه؛ فهذا يعني أن لديها معايير مختلفة في التعامل. ويقلقني اختراق مؤسسات وشركات أجنبية أبواب وزاراتنا بشكل مبالَغ فيه، رغم كونها ليست الوحيدة وربما ليست الأفضل في مجالها..
لا اعتراض على زيارة المسؤول لدولة يرى الاستفادة منها، أو من مؤسساتها، لكن عندما تخطئ البوصلة فلا يذهب للدول المتميزة في مجاله نضطر لطرح الأسئلة والبحث عن المبررات..