يوسف المحيميد
أكثر ما يثير الدهشة في تعاملنا مع المرأة في مجتمعنا أننا نضع عاداتنا وتقاليدنا فوق الأنظمة والقوانين، وربما أكثرنا لا يعرف أن موافقة ولي الأمر على التحاق المرأة في المؤسسات التعليمية بهدف التعليم، أو الالتحاق بوظيفة في الجهات الحكومية أو القطاع الخاص، غير مطلوبة، وليست نظامًا أو قانونًا، وإنما هو اجتهاد من بعض الجهات، وربما هيمنة أشخاص في هذه الجهات وفرض رأيهم، حتى جاء الأمر السامي الكريم الذي وضع النقاط على الحروف، فالمرأة اليوم في مجتمعنا ليست ربة منزل فحسب، وإنما هي سيدة أعمال، وتقود شركات ومؤسسات، وتجلس على قمة هرم وظيفي، وما شابه ذلك، فمن غير المقبول أن يُطلب منها موافقة ولي أمرها كما لو كانت قاصرًا.
هذا الأمر السامي أعاد الأمور إلى وضعها الطبيعي، وهو تحذير واضح لمن يفرض رأيه الشخصي، ويجعله نظامًا يفرضه على الناس، ويستغل مكانته ومنصبه الوظيفي لوضع شروط تتفق مع هواه، فهذا يجب ألا يحدث، إلا فيما هو نظام فعلاً، كالسفر إلى الخارج، الذي هو أيضًا قيد الدراسة، وقد يصدر فيه قريبًا لوائح جديدة، فالوطن اليوم يسير بثقة وثبات نحو المستقبل، لا يقف مترددًا، ولا يلتفت مطلقًا إلى الوراء.
بهذا الأمر ستمتلك المرأة حقها في التعليم والعمل والتجارة، وستكمل مسيرة البناء مع الرجل، وستشاركه في دفع الوطن أمامًا لتحقيق رؤيته في العام 2030، كل ذلك سيتحقق فِي ظل العمل المخلص، والمنافسة المحفزة على التطوير، والتعامل المهذب والأخلاق الحميدة التي جاء بها ديننا الحنيف، وتربى عليها هذا المجتمع الكريم.
علينا ألا نقلق كثيرًا من كل ما يتعلق بالمرأة، وأن نمنحها كافة حقوقها، ونهبها كامل الثقة في تصرفاتها، وأن نجعلها مسؤولة أمام نفسها أولاً، وأمام أسرتها ومجتمعها ثانيًا، ومن الطبيعي أن ترجع المرأة، كما الرجل، إلى أسرتها في معظم قراراتها، خاصة إذا كانت تعيش في أسرة متكاتفة متحابة، ولا تستغني عن الاستنارة برأيها.
لقد قطعنا خطوات وثابة خلال هاتين السنتين، في عهد الملك سلمان، على المستويات السياسية والاقتصادية، ومن الطبيعي أن نقطع أيضًا خطوات صلبة على المستوى الاجتماعي، لارتباط ذلك بالنمو الاقتصادي، ولا يخفى على معظمنا أن ملف المرأة الشائك هو أكثر ما يثير حساسيتنا مجتمعيًا، بسبب عاداتنا وتقاليدنا، وبمجرد تقنين وتنظيم كل ما يخص المرأة، من حيث تعليمها وتوظيفها وعلاجها إلى آخره، فإننا سنتقدم بسرعة أكبر على مختلف المستويات الأخرى.