لقد ساهمت سهولة تنقل وسائل الإنتاج سواءً رؤوس الأموال أو الموارد البشرية في ظهور قضية التنوع في المنظمات كأحد التحديات التي تحتاج إلى مزيدٍ من الاهتمام في عالم الأعمال.
ومع تباين وجهات النظر حول التنوع في المنظمات بين من يرون أنها مصدراً للميزة التنافسية وآخرون يرون أنها مصدراً للصراعات الداخلية إلا أن الجميع يدرك أهمية إدارة هذا التنوع كواقعٍ مفروض على المنظمات حالياً.
يشير التنوع بشكل عام إلى وجود فروقات بين شيئين وأكثر، وتستخدم في عالم الأعمال للإشارة إلى الفروقات بين الأفراد أو المجموعات، كما أن مفردة تنوّع تحمل في طياتها أبعاداً تتجاوز الاعتراف بوجود الفروقات لتصل إلى الاحترام والتقدير لهذه الفروقات.
لقد تنبهت منظمات الأعمال الدولية في نهايات القرن الماضي لأهمية إدارة هذا التنوع ووضع السياسات والبرامج وتحديد أهم الممارسات التي تحقق ميزات التنوع، ومن ذلك ما قام به جيرت هوفستد عام 1986م عندما قام بقياس الأبعاد الثقافية بين المجموعات في شركة IBM من خلال نموذج مكون من خمسة أبعاد ليقدم بذلك مقياسا للاختلافات الثقافية بين المجموعات داخل المنظمة.
ومع وجود نظريات واستراتيجيات وتطبيقات تتناول إدارة التنوع داخل المنظمات، إلا أنه ليس بالضرورة أن تنجح هذه النظريات والتطبيقات عند نقلها وتطبيقها حرفياً في بيئات غير البيئات التي أنتجت فيها، لذلك فمن المهم أن تكون هناك شراكة بين منظمات الأعمال ومراكز الأبحاث العلمية المحلية لموائمة هذه النظريات والتطبيقات مع الثقافات المحلية السائدة وبالتالي زيادة احتمالية نجاحها.
وفي السوق المحلي حيث يبلغ حجم القوى العاملة 13مليون (الهيئة العامة للإحصاء) نجد أن هناك تنوعا من حيث الجنسيات حيث يمثل غير السعوديين نسبة 56% من قوة العمل، كما يوجد تنوع من حيث الفئات العمرية حيث يمثل من هم أقل من 30 سنة نسبة 31% ومن هم في الثلاثين من عمرهم نسبة 36% ومن هم في الأربعين من عمرهم نسبة 22% ومن هم في الخمسين فأكثر نسبة 11%، كما يوجد تنوع من حيث الجنس حيث تمثل قوة العمل النسائية نسبة 14% .
وأمام هذا التنوع لابد أن تكون هناك استراتيجيات على مستوى الأفراد والمنظمات يستطيع من خلالها الجميع التكيف مع التنوع وتحقيق الميزات التي يوفرها، فعلى سبيل المثال على مستوى الأفراد لابد أن يكونوا منفتحين على زملائهم داخل العمل للتعرف على قدراتهم ومهاراتهم لنقل المعارف ومنصفين مع الجميع في التعامل لتقليل النزاعات، وعلى مستوى المنظمات لابد أن توفر بيئة تعزز التنوع من خلال تصميم ومراجعة السياسات واللوائح الداخلية والإجراءات التشغيلية كاللوائح التي تنظم العمل بين الجنسين واللوائح التي تضمن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة وكإجراءات الاستقطاب والتوظيف لضمان الكفاءة في عملية التوظيف وعدم وجود تحيز وكإجراءات تشكيل الفرق لضمان وجود تنوع داخل الفريق يشجع على التفاعل ونقل الخبرات والمعارف.
ويبقى موضوع التنوع بحاجة لمزيد من تسليط الضوء والمشاركة بين المراكز البحثية ومنشآت الأعمال للخروج بأفضل الممارسات على مستوى السوق المحلي.