كوثر الأربش
سببٌ واحدٌ فقط، هو ما دفع بأصحاب الصيعري، أن ينحروه بلا رحمة لتوسلاته. أتحدث عن مطيع الصيعري، خبير المتفجيرات الذي قتله أصدقاؤه نحرًا، ثم دفنوه في الحرزات، والحرزات هي ذات الاستراحة التي جمعتهم سوية، ربما للاختباء تارة، ولتصنيع الأحزمة الناسفة، أو لتناول الغداء في صحن واحد!
لا.. لحظة، هم لم يدفنوه فورًا، تركوه هكذا منحوراً وملقىً حتى فاحت رائحة نتنة، ثم دفنوه في حفرة عمقها متر واحد فقط! رجال الأمن عندما أخرجوا الجثة، وجدوها متحللة للغاية، مما يعني أنه مات قبل أخيه «طائع الصيعري» الذي لقي حتفه خلال مداهمة الياسمين، كما صرح بذلك اللواء منصور التركي، المتحدث الرسمي لوزارة الداخلية. هل شارك طائع في الانقضاض على أخيه «مطيع» ونحره؟ الاستنتاجات المنطقية تقول ذلك. إذًا كانت نهاية مطيع على يد أصدقائه، ربما أخيه أيضًا. إن هذه الحادثة المريعة مقبولة للغاية لدى الإرهابي، أي إرهابي، مهما كان مذهبه واعتقاده. لأنه قبل أن يوزع الموت والعذاب يعلمونه أولاً كيف يحب الموت!
هاشم الزهراني، رجل أمن، قضى 20 عامًا في خدمة المواطنين في القطيف. استشهد قبل أيامٍ قليلة، على يد ملثمين، اختطفوه، وعذبوه قبل أن يطلقوا عليه رصاصة النهاية. إن تلك القلوب المتحجرة ذاتها البشاعة ذاتها. السبب الذي يجعل إرهابي يقتل صديقه أو أخاه، هو ذاته السبب الذي يقتل رجلا أفنى عمره في حياة الناس، مع فارق التشبيه، بين رجل أمن شريف، وإرهابي متوحش. القاسم المشترك هنا: هي اليد الآثمة، العقول المؤدلجة. التحول المخيف للقيم. هناك من يخبر الارهابيين أن القتل قد يكون شرفًا، وأن استهداف الأبرياء أو الأقرباء يرفعك في الجنة درجات. ربما نحن البعيدين عن خليات الإرهاب وأوكار الارهابيين، لا ندرك ماذا يعني قلب المفاهيم والقيم، كيف يفعلون ذلك؟ أعني كيف يصدق انسان ما، أن الغدر سمو؟ المسألة ليست بذلك التعقيد، وأيضا ليست بتلك السهولة، ولكنها تتمحور حول « الوهم». ثمة من يقتل لأنه ينظف الأرض لظهور المهدي، ويمرن سلاحه ليكون أحد الجنود في صفوفه! و آخر يقتل لأنه ينظف الأرض لتصبح دولة اسلامية، وليكن أحد الأعمدة التي تنهض عليها الخلافة! ياللعار!
ختامًا: رحم الله الشهيد الزهراني، وعزائي لذويه ومحبيه ومثواه بإذن الله الجنة.