سبق أن أصدرت الحكومة البريطانية موسوعة ( تاريخية وجغرافية) إحصائية من أربعة عشر مجلدا باللغة الإنجليزية تعرف باسم دليل الخليج والذي يشمل (دول الخليج وعمان ووسط الجزيرة العربية) وتتكون من قسمين القسم الأول/ معجم لتاريخ منطقة الخليج وما حولها من الأقطار ويتألف من سبعة أجزاء والقسم الثاني/ معجم جغرافي لمنطقة الخليج والجزيرة العربية كذلك يتألف من سبعة أجزاء قام بتأليفهما البريطاني (قوردن لوريمر) بتكليف من قسم الخدمات المدنية بحكومة الهند الواقعة آنذاك تحت الاحتلال البريطاني والتي كانت تشرف على المصالح البريطانية في منطقة الخليج وقد نشر القسم الثاني عام 1908م أما القسم الأول، فنشر عام 1914م ولقد كانت الموسوعة عند صدورها وثيقة سرية لا يجوز الاطلاع عليها إلا من قبل المسؤولين البريطانيين وكانت مخصصة للاستعمال الرسمي ثم رفعت الحكومة البريطانية الحظر عنها عام 1385هـ-1965م وهذه الموسوعة عبارة عن مجموعة ضخمة من الوثائق البريطانية المنشورة، مصدرها المعلومات الاستخبارية والعمل الميداني وتقارير الرحالة الذين سبق أن زاروا تلك المناطق.
وصدرت بعض التراجم العربية الخاصة ببعض الدول العربية فمثلا صدر (الكويت في دليل الخليج) وكذلك البحرين وعمان وكتاب (تاريخ البلاد السعودية في دليل الخليج) وتعتبر الترجمة القطرية لقسمي الدليل التي صدرت عام 1395هـ/ 1975م والتي أعدها قسم الترجمة بمكتب صاحب السمو أمير دولة قطر الأسبق الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني أول وأبرز ترجمة والتي يرجع لها الباحثون والمؤرخون والتي طبعت بمطابع علي بن علي بالدوحة 1383هـ/ 1993م على نفقه سموه. وفي هذا السياق سوف نتحدث عن الحريق والتي ذكرت بالتفصيل بالقسم الجغرافي الجزء الثاني بالصفحات (814، 815، 816، 817، 818) والتي دونت بمسمى منطقه ضمن إحدى مقاطعات نجد الجنوبية التي تضم (الخرج. الحوطة. الحريق. الأفلاج. وادي الدواسر). وقد ذكر عنها ما يلي:
الحريق: تلفظ أحيانا حريج وادي في جنوب نجد يشكل منطقة تابعة للوهابيين.
الحدود والمميزات الطبيعية: يفصل جبل عليه وادي الحريق عن مقاطعة العارض من الشمال وتحد الوادي من الجنوب سلسلة من جبال عليه التي تقع بينه وبين جزء من منطقه الحوطة وينحدر وادي الحريق من الغرب للشرق ويصب ماؤه في وادي الحوطة ومنها للخرج ويعتبر جبل عليه معلما طبيعيا يرتبط بهذه المنطقة ومنطقة الحوطة وهو يضم حوضاً تذهب مياهه عبر أخدود يقال له شعاب عليه في الطرف الشرقي من الجبل ويوجد في الجزء الشمالي الغربي من الحوض منطقة تسمى ماوان بها أربع آبار عمق كل منها أربع قامات كما أن بها مزارع نخيل يجتمع بها البدو وقت جني الثمار ويطل جزء من جبل عليه على وادي الحريق بالاتجاه الجنوبي ويمكن عبوره مباشرة بعد مغادرة مدينة الحريق في الطريق من هذا المكان إلى الدلم في الخرج.
المواصلات: تتفرع الطرق من مدينة الحريق إلى الدلم في الخرج وإلى الحاير على وادي حنيفة وإلى قرية السيباني بضرماء وقد فصلت الطرق على النحو التالي:
1 - الطريق إلى الدلم: الاتجاه شرقا من الحريق مع الانحراف قليلا إلى الجنوب وتستغرق المسيرة إليها ما بين 10-11 ساعة ويعتقد أنها تبلغ حوالي 30 ميلا تبدأ الساعات الثلاث الأولى بالصعود ثم الانحدار عن جزء من جبل عليه ثم يسلك طريق عبر سهل ليس به قرى أو أودية وهناك طريق آخر بالنزول في وادي الحريق إلى الدلم بالنزول إلى نقطة التقائه مع وادي الحوطة ثم متابعة مجرى وادي الحوطة إلى الدلم ولا توجد قرى على هذا الطريق أيضا.
2 - الطريق للحاير: يتشابه مع الطريق المؤدي للدلم بالخرج حتى عبور جزء من جبل عليه والوصول إلى الزاوية الجنوبية الشرقية من الجبل حيث ينحرف الطريق باتجاه الشمال من هذه الزاوية ويبقى جبل عليه على اليسار بعض الوقت وهناك محطة في منتصف الطريق تسمى بالأوسط ليس بها ماء والمسافة بين الحريق والحاير لا تزيد عن 60 ميلا.
3 - الطريق إلى جو السيباني بضرماء: يستغرق ثماني ساعات عبر أراضٍ جبلية ويكون جبل عليه على يمين المسافر وذلك حتى جبل فريشه ثم يستمر الطريق باتجاه الغرب لمدة خمس ساعات عبر سهل مستوٍ إلى جو السيباني وقبل جو السيباني بثلاث ساعات تقع زاوية خشم الذيب إلى جنوب الطريق وهي تعتبر الزاوية الشمالية الغربية لجبال الحريق.
الطبوغرافيا والسكان والموارد: وهنا نستعرض أسماء الأماكن الرئيسية في منطقه الحريق مع بعض التفاصيل لها:
1 - مدينه الحريق: تقع شمال غربي الدلم وعدد سكانها حوالي 3000 نسمة وبها 360 منزلا وهناك قصر في وسط المدينة وتمتاز المدينة بمزارعها الواسعة جدا وبها الفواكه المألوفة بجنوب نجد بالإضافة للكمثرى وتستخرج المياه من الآبار على عمق 16 إلى 20 قامة ولدى السكان (5 أحصنة ،50 حماراً، 500 جمل ،300 بقرة) وبها سوق به 40 دكانا وتزوده الأحساء بما يحتاج من بضائع ويستوردون العبي من قطر والأحساء والأسلحة والذخيرة من اليمن وبها منازل من عدة طبقات (أدوار) ويحصلون على خشب البناء من السوق المحلية
2 - المفيجر: تقع على بعد 8 أميال شرق نعام وبها حوالي 45 منزلا وموارد المياه والمحاصيل الزراعية مشابهة لمدينه الحريق.
3 - نعام: تقع على بعد 8 أميال شرق مدينة الحريق على الطريق المؤدي إلى الدلم بالخرج عدد منازلها 80 منزلا بها مزارع نخيل كثيرة ومنتوجاتها الزراعية مشابهة لمدينة الحريق.
4 - الحسينيات: قرية مهجورة تقع باتجاه وادي بريك بها بعض الآبار.
5 - وثيلان: قرية مهجورة تقع في وادي ينحدر من جبل عليه إلى وادي الحوطة بها آثار قصر وبعض مزارع النخيل المهملة وليس به إقامة دائمة ويزرع بها قليل من القمح من قبل بعض الأهالي ومياها من نبع قريب.
6 - قاع الزلال: يقع بالقرب من مدينة الحريق باتجاه نعام بها بئر ويزرع بها بعض أهالي الحريق القمح في الطقس البارد.
المناخ والمحاصيل الزراعية: لا يوجد تفصيل دقيق للمناخ والمحاصيل الزراعية لمنطقة الحريق وإنما اندرجت فيما دون وكتب عن نجد الجنوبية ويذكر أن الطقس في نجد الجنوبية ليس صحيا في المناطق المرتفعة ولكنه منعش والمراعي وفيرة ولكن الأشجار نادرة عدا النخيل والمحاصيل الثابتة (التمر، الشعير، القمح، الذرة) ويشتهر الوادي بجودة فواكهه وتنتج بعض المناطق الفاكهة مثل التين والخوخ والليمون والعنب والرمان والبطيخ والبرسيم والباذنجان والبصل والسبانخ وبعض الخضروات الأخرى ومن الماشية الجمال والماعز وهناك الحيوانات البرية مثل النمور والذئاب وابن آوى ومن الحيوانات والطيور الغزال والحباري ودجاج البر والحجل والقطا والحمام.
السكان:
هناك تباين كبير بين سكان نجد الجنوبية فهناك قبائل متمسكة بالأرض والبعض رحل وبلغ التعداد العام لسكان نجد الجنوبية بحوالي 170000 نسمه منهم 4000 نسمة سكان مقيمون بمنطقة الحريق ولا يوجد تعداد دقيق لسكان البدو الرحل وسكان نجد الجنوبية أصحاء وذو أعمار متقدمة.
التجارة:
تعاني نجد الجنوبية من ضآلة التصدير والاستيراد فهي ظاهره ملحوظة بالرغم أن الثروة الزراعية في بعض الأماكن ويتم التعامل في التجارة بالأوزان مثل الوزنة والمن وأوزان البيع بالجملة تكون عادة بما يشبه الوزن بالقباني والأحجام القياسية هي الصاع والمد ووحده قياس للأطوال هي الذراع والنقود المستعملة هي العملات التركية والريال أو دولار ماريا تريزا (الفرانسي).
الضرائب والزكاة: لقد بلغ ما تدفعه إمارة الحريق من ضرائب لحاكم نجد حوالي 5000 دولار (ريال فرانسي) سنويا.
ثانيا- القسم التاريخي: لا يوجد تفصيل دقيق بالموسوعة للأحداث التاريخية التي مرت بها منطقه الحريق أو البلدان التابعة لها وإنما أدرجت بالأحداث التي مرت بنجد الجنوبية فترة قيام الدولة السعودية الأولى والثانية فقط.
ختاما.. أخي القارئ لقد مضى على إصدار تلك الموسوعة أو الدليل أكثر من مئة عام خلاف الفترة التي سبقتها في جمعها وإعدادها وقد استندت في معلوماتها على العديد من المصادر والوثائق وتقارير الرحالة والمرشدين وساكني تلك المناطق أثناء المرور عليهم ومقابلتهم ومع ذلك مازالت مرجعا جغرافيا وتاريخيا للباحثين والدارسين للاستفادة منها عند دراسة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والطبوغرافية والسكانية والزراعية آنذاك وهذا مفيد جدا عند إجراء بعض الدراسات المختلفة ومقارنتها في الوقت الحاضر سواء لمحافظة الحريق أو غيرها من مناطق المملكة ومن الطبيعي أن هناك الكثير من التغيرات حدثت الآن في ظل التطور والنهضة الشاملة التي عاشتها المملكة منذ بداية توحيد المملكة على يد المؤسس الملك عبد العزيز -طيب الله ثراه- ومن بعده أبناؤه (سعود وفيصل وخالد وفهد وعبد الله) إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله.
محمد بن ناصر الجمعان - مدير متحف نفحات الماضي لمحافظة الحريق.