أ.د.عثمان بن صالح العامر
مهمة المثقف الوطني الأولى المشاركة الحقيقية في قيادة الرأي العام لما فيه خير الوطن ومصلحة المواطن، ومن أهم صفات هذا المثقف وسماته التي يجب أن يتحلى بها - في نظري - من أجل أن يقود الجماهير الشعبية قيادة حقيقية خالية من حظوظ النفس، وبعيدة عن الأهواء والرغبات، وبمعزل تام عن التصفيدات البالية، والانتماءات الضيقة، والأجندات المسبقة الصنع:
* إنكار الذات في مقابل الغاية المجتمعية.
* وعدم الانسياق وراء التنظير الموغل في التجريد بعيداً عن الواقع المعاش.
* وتسويق النفس للآخرين من أجل أن يقول «هأنا ذا»، وذلك باستعراض الكم المعرفي والثراء اللغوي لديه حتى يقال عنه إنه فريد زمانه، ووحيد مكانه، ويملك كنوز الثقافة، وعنده مفاتيح الفكر وعناوينه.
* كما أن من الأهمية بمكان ألا يُجر المثقف - الذي يجب أن يستشعر انتماءه الوطني الصحيح - إلى معارك جانبية تفقده دوره المنوط به، والذي يعول عليه صناع القرار كثيراً في هذا الوقت بالذات.
لست هنا في مقام الرصد والمتابعة، ومن ثم النقد والمحاكمة لما يكتبه أو يغرد به شريحة من المثقفين السعوديين هذه الأيام، ولكنني أحاول مع صدور المرسوم الملكي الكريم القاضي بتعيين معالي الدكتور عواد بن صالح العواد وزيراً للثقافة والإعلام - والذي أبارك له هذه الثقة الملكية الغالية والثمينة - أقول إنني أحاول في هذا المقال أن:
* أؤكد ما سبق وأن عرضت له في هذه الزاوية من أنه من الأهمية بمكان أن تحدد بوضوح وشفافية هوية المثقف السعودي بالإجابة الصريحة الواضحة عن سؤال ما زال عالقاً في أذهان الكثير، ولم يجد جواباً شافياً كافياً جامعاً مانعاً: (ترى من هو المثقف السعودي؟ ما مواصفاته ومكوناته ومحدداته؟ وما الفرق بينه وبين الإعلامي؟ فضلاً عن الاتصال والانفصال بين الثقافة والأدب في نظر مسؤولي الشأن الثقافي السعودي؟).
* وفي الوقت ذاته أذكّرُ المثقف بدوره في التسويق الفعلي لمفردات رؤية المملكة العربية السعودية 2030 التي هي محل فخر واعتزاز لكل سعودي صادق طموح، إذ إن هذا المنجز الوطني لا تقع مسؤولية تحويله إلى واقع حقيقي له صلة مباشرة بتفاصيل حياتنا اليومية على عاتق السياسي والاقتصادي والأكاديمي والتنفيذي فحسب، بل هي مسؤولية جميع الطبقات ومختلف الشرائح المجتمعية، والمثقف هو المرشح الأقوى ليحمل على عاتقه أمانة التبليغ والشرح والإيضاح لهؤلاء المعنيين بلغة سهلة وبراهين مقنعة وأدلة دامغة.
إن على المثقف الحقيقي المتابعة اليومية للمبادرات التي تحظى بالمباركة والدعم الكامل من لدن قيادتنا الحكيمة، والكتابة عنها، والتبشير بها، وإيصال الصورة الحقيقة لها للمواطن الذي يجد في هذا المثقف - قبل غيره - الثقة المطلقة التي لا حدود لها، فهو قارئ جيد لزاويته، ومتابع متميز لحسابه الشخصي في (السوشيل ميديا)، أما التراشق بالألفاظ وتبادل الاتهامات، والتخوين في مصداقية المواطنة الصالحة، وإيغار الصدور، والنقد الجارح، والإيغال في التشاؤمية، وشخصنة القضايا، و... فهي وإن كانت من طبيعة بعض المنتمين للطبقات المثقفة عالمياً، بل إن بعضها من مهام المثقف الأساسية فإن هذا ليس وقتها، فنحن في مرحلة تحول وتغير وطني شامل له رؤية واضحة محددة، ويسعى إلى تحقيق أهداف طموحة متجددة، والتكاتف والتعاون والتراص والجسدية الوطنية الواحدة مطلب أساس ومهم حتى يكون الغد أفضل - بإذن الله.
دمتم بخير، وإلى لقاء والسلام.