عماد المديفر
كان لقاء سمو سيدي ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع الأستاذ داوود الشريان قد حوى جوامع الكلم.. لقاءً شاملاً كاشفاً دقيقاً وبالبيانات التفصيلية، وموجزاً في ذات الوقت.. لقاءً مبشراً بنقلات نوعية وتحول كبير في شتى المجالات.. تناول خلاله سمو الأمير عدة نقاط أساسية، تضمنت برامج تحقيق رؤية المملكة 2030 وما نُفذ منها وما تحقق من نجاحات وبالأرقام خلال الأشهر القليلة الماضية، وهو ما انعكس إيجاباً ولمسنا نتائجه بشكل سريع من خلال قرار عودة البدلات لموظفي الدولة.. وما سيتم خلال الأسابيع والأشهر القادمة من عمل دؤوب ومبرمج، والمؤشرات التي يتم من خلالها قياس النجاحات أو الإخفاقات بدقة وموضوعية وحياد. هذا القياس الذي يمكن أن يقوم به أي مواطن متابع لتحديثات البيانات والأرقام على مؤشرات القياس تلك.. والنقلة الاقتصادية النوعية الكبيرة التي تتشكل اليوم.. كما تحدث بشفافية عن الأعراض الجانبية والطبيعية في ظل مثل هذه المتغيرات وتحديات وتحولات كبرى.. والتي قد يشعر بها الشارع السعودي أثناء فترة التحول الاقتصادي الكبير من اقتصاد معتمد كلياً على النفط، إلى اقتصاد قوي ومتين متنوع المصادر، سنقطف ثماره في القريب العاجل - بمشيئة الله - ثم بعزم وعمل وصبر شباب وشابات هذا الوطن.
كما عرَّج سموه أيضاً إلى سياسة المملكة الخارجية والدفاعية والموقف المتقدم والحازم والصلب تجاه تعديات الدولة المارقة إيران، والتنظيمات الإرهابية الأخرى ذات الصلة بها وعلى رأسها التنظيم الدولي للإخوان المسلمين أم الجماعات والتنظيمات الإرهابية، مؤكِّداً سموه على استحالة التعامل مع نظام راديكالي ظلامي قائم على خزعبلات عقيدة تخريبية توسعية إرهابية فاسدة تستهدف الإسلام والمسلمين وقبلتهم، بزعم تهيئة البيئة الخصبة لظهور ما يسمونه «المهدي المنتظر».. مشيراً سموه الى أن أكثر من تضرر من هذا النظام المتخلف هو الشعب الإيراني نفسه، وأننا لن ننتظر لتصبح المعركة في المملكة، بل سيتم نقلها للداخل الإيراني.
وتطرق سموه كذلك للعلاقات السعودية المتينة مع الشقيقة مصر، كاشفاً فشل الدعاية الإيرانية والإخوانية - من خلال عملائهما في الإعلام المصري - في دق إسفين بين جناحي الأمة العربية ومركز قوتها وتماسكها: المملكة العربية السعودية ومصر.. إضافة إلى ما تحدث عنه - أيَّده الله - حول المشروع الاستراتيجي المزمع والجبار بين البلدين الشقيقين والمتمثل في جسر الملك سلمان.
كما تناول الوضع في سوريا، وتحدث عن اخفاقات إدارة أوباما خصوصاً في الملف السوري، وغيرها من الموضوعات.
ولم تمض ساعات قلائل؛ حتى برز أيضاً حدث كبير ومهم تناقلته وسائل الإعلام العالمية، وتمثل في تصريح فخامة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي قال نصاً انه «يفتخر» أن ينقل للشعب الأمريكي وللعالم ما وصفه بـ «الإعلان التاريخي العظيم» وهو أن أول زيارة خارجية له كرئيس أمريكي ستكون للمملكة العربية السعودية.. وهو بالفعل إعلان تاريخي عظيم له دلالاته، وسأتناوله مفصلاً في المقالة القادمة بمشيئة الله.
هذا جانب محدود فقط ضمن أسبوع حافل بالأحداث والانتصارات والقفزات والتطورات الإيجابية المهمة على أكثر من جهة وفي أكثر من صعيد.. شملت السياسي والاقتصادي والأمني والعسكري والاجتماعي ومجال مكافحة الإرهاب.. والحق أنه لا يكاد يمر أسبوع منذ تولي مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - أيَّده الله وأعانه وأدام عزه - وتقديمه للقيادات الشابة في مملكتنا المتجددة، ومبايعتنا لسمو سيدي محمد بن نايف - حفظه الله - ولياً للعهد رئيس مجلس الشؤون السياسية والأمنية، وسمو سيدي محمد بن سلمان - حفظه الله - ولياً لولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، إلا ونحن وفي كل أسبوع نشهد ونلمس قفزات وتطورات ملموسة ومحسوبة وعلى أساس متين لهذا الوطن الطيب الشامخ وشعبه الوفي الأبي الكريم.
وهذا بتوفيق الله وكرم فضله ونعمته علينا؛ هو ديدن قادتنا منذ عهد الإمام محمد بن سعود - تغمده الله بواسع رحمته وجزاه عن البلاد والعباد خير الجزاء - وحتى العهد الميمون عهد جلالة الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن - عليه رحمة الله - وأبنائه الذين هم آباؤنا، آباء هذا الشعب السعودي الشاب المعاصر.. الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبد الله - عليهم رحمة من الله ورضوان -.. وأتذكر هنا قصة طريفة لوالدي - حفظه الله - حين صدرت إحدى المكرمات والأوامر الملكية الكريمة في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز - رحمه الله وجزاه عن شعبه وأمته خير الجزاء - ولم يتسن لأحد إخوتي الاستفادة منها لعدم شموله بها لأسباب تتعلق بتاريخ تلك المكرمة، حيث قال والدي له حينها ما نصه: «ابشر بالخير.. خِيرة لك.. ما راح شيء.. فبلدنا بلد خير.. وقيادتنا قيادة خير.. لاحق خير.. ومكرمات طوال الأعمار لا تنقطع.. وجايك رزقك.. انت بس اعمل واجتهد وثابر واصبر.. وتوكل على الله.. وابشر بالخير.. عسى الله يحفظ لنا قيادتنا ويعينهم ويوفقهم ويجزاهم عنا كل خير.. ويخليهم لنا ذخر ويديم عزنا».. هذه الكلمات العفوية البسيطة والصادقة ووليدة لحظتها من رجل تربوي عاصر عهد ستة ملوك.. حُفِرت في ذهني وذهن أخي خريج الولايات المتحدة الأمريكية في علم الغذاء والدواء وبتقدير جيد جداً.. والذي مكث يبحث عن عمل مناسب لمدة تجاوزت السنتين من تاريخ تخرجه، ومرت عليه أوقات عصيبة، كان يعمل حينها في أعمال بسيطة لا تتناسب وشهادته، وراتبه فيها لا يتجاوز الـ 2000 ريال.. وليذكرني بها هو بنفسه قبل أشهر قليلة فقط في مناسبة أخرى.. وهو يستعد لتولي مهام عمله الجديد والمرموق بعد أن صقلته التجربة.. وسعى بجد واجتهاد ومثابرة.. والفال بذلك لكل شاب سعودي لا يزال يعاني من البطالة.. أن ابشر بالخير.. وأن لا يجلس مكتوف الأيدي، بل يعمل ولو بعمل بسيط مؤقت، وأقول له ما قاله والدي لأخي.
إلى اللقاء.