د.دلال بنت مخلد الحربي
نشرت إحدى الصحف السعودية قبل أيام خبراً عن تعرض الطيور المهاجرة لصيد جائر في مناطق مختلفة من المملكة العربية السعودية.
وأشارت إلى أن هذا الصيد الجائر هو من العوامل المساعدة على انقراض تلك الطيور المهاجرة.
ومن المعروف أن هجرة الطيور هي هجرة فطريه طبيعية عبر آلاف السنين حيث تهاجر الطيور من الشمال إلى الجنوب مارة بالجزيرة العربية التي قد تكون محطة استراحة لها أو منطقة استقرار مؤقت ومن لديه اهتمام بقضايا الطبيعة في المملكة على وجه الخصوص بصحرائها وشواطئها يعرف جيداً أن هذه الطيور المهاجرة تتخذ من الشواطئ والجزر منطقة للاستراحة أو للاستقرار المؤقت ومن مناطق داخل الصحراء يكثر فيها الواحات الشيء نفسه ودون شك أن هذه الطيور كان بعضها يصطاد بالقديم لكن لأسباب دافعها نقص الطعام أو الرغبة في تناول لحم مختلف عما هو سائد في منطقة الصياد نفسه.
ثم إن وسائل المواصلات وعدم توفر السلاح الآلي خفف كثيراً من مواجهة تلك الطيور في تلك الأيام لمسألة الصيد الجائر ، ولكن ما حدث في السنوات الأخيرة هو نمط سيّء ينم عن عدم وعي ويدل على قلة معرفة بأهمية وجود هذه الطيور في الأوقات التي تصل فيها إلى أراضي المملكة وما حققه ذلك من توازن في الطبيعة.
قد أعادني الخبر إلى صور كانت تنشرها بعض الصحف وبعضها وقفت عليه في اليوتيوب عن صيد وحشي يمثل قمة العبث يقوم به أفراد يصطادون آلاف الطيور ويتباهون بفعلهم.
والمؤكد أنهم لن يستفيدوا من هذه الطيور في الأكل بل قد لا يأكلونها البتة ولا يستخدمون ما اصطادوه في أي أمر نافع وبالتالي فهو فعل من الجنون وقلة الوعي وقبل ذلك كله عدم معرفة بأسس الإسلام التي تراعي كل شيء في الطبيعة ، وفِي الأحاديث الشريفة الكثير من النهي عن هذا الإيذاء والعبث.
إني أعجب كيف يجرؤ الإنسان على قتل طائر جميل دون حاجة إليه كوسيلة للطعام.
وأعود بالقارئ إلى كتاب جميل كتبه محمد بن سليمان اليوسفي عنوانه (الطيور البرية المهاجرة في المملكة العربية السعودية) احتوى على معلومات كثيرة عن هذا النمط الحيواني وأشار إلى مواقعه وإلى المهاجر والمستقر منه وزوده بصور جميلة فمن أسباب هجرة الطيور يقول:-
من أوائل النظريات التي سعت إلى تفسير ظاهرة هجرة الطيور نظرية مفادها أن الطيور الكبيرة تهاجر لأسباب غير معروفة حاملة على ظهورها الطيور الصغيرة.
وربما لم يتصور من روّج هذه النظرية أن هجرة الطيور من مواطنها الحالية في شمال الكرة الأرضية إلى أفريقيا تمثل عودتها إلى موطنها الأصلي، حيث كانت تستوطن حول خط الاستواء إبان الحقبة الجليدية، فلا تعدو الهجرة الجليدية للطيور -حسب هذه النظرية- سوى عودتها إلى مواطن إبائها في القارة الأفريقية.
ومهما كانت النظريات فالثابت حالياً لدى الدارسين أن الطيور تهاجر مدفوعة لواحد أو أكثر من الأسباب التالية:-
1- الحاجة إلى الغذاء والدفء: تتغذى الطيور غالباً على الحشرات التي تقل في المناطق شديدة البرودة فتلجأ إلى البحث عنها في مناطق يتوفر فيها الدفء والحشرات.
2- الحاجة إلى نهار أطول: عندما تقصر ساعات النهار خلال شتاء شمال الكرة الأرضية تبحث الطيور المقيمة فيها عن مناطق تطول فيها ساعات النهار لأن الطيور غالباً نهارية المعيشة.
3- الحاجة إلى التزاوج والتكاثر: تتكاثر الطيور في فصل الربيع -خاصة الأنواع المهاجرة- ولهذا تضطر إلى العودة إلى مواطنها مرة أخرى باحثة عن الظروف والأجواء الملائمة لتكاثرها.
والذي ينبغي الإشارة إليه بشأن دوافع هجرة الطيور أن لديها منبهاً يدفعها للقيام بعملية الهجرة بعد أن تصيبها تغيرات فسيولوجية ويعني ذلك أن الهجرة جزء من (التركيب الجيني) للطيور المهاجرة.
أتمنى أن مثل هذا الكتاب يتاح على نحو واسع بين الجيل الحاضر لتشكيل ثقافة جديدة عن أهمية المحافظة على الحياة البرية والاهتمام بالمعلومات عن أنواع الطيور وغيرها ، فمثله يكون الحس بالعناية بكل ما له علاقة بالحياة ويساعد على تشكيل وعي يمنع العبث بمخلوقات الله.