د. عبدالواحد الحميد
يشكو بعض الشباب الباحثين عن العمل من المحابة في التوظيف في بعض الأجهزة الحكومية المستقلة أوشبه المستقلة التي تتمتع بمرونة في اتخاذ قرارات التوظيف.
ويشكو آخرون أيضا من وجود محاباة في التوظيف في بعض الشركات المساهمة، حيث يتم تفضيل بعض المتقدمين للتوظيف ليس بناءً على مؤهلاتهم أو على قدراتهم وخبراتهم أو تفوقهم وإنما لأسباب أخرى.
ويشعر هؤلاء الشباب بالغبن والظلم لأن هذه الأجهزة الحكومية ليست ملكاً لمدرائها الذين يختارون أبناء وبنات معارفهم وأصدقائهم وأقاربهم وإنما هي ملك لكل الناس، وهو ما يفعله أيضا بعض المدراء في الشركات المساهمة الذين يتصرفون كما لو أن هذه الشركات عائلية وليست مساهمة يملكها حَمَلة الأسهم الذين هم كل الناس.
إن الاستقلالية التي تتمتع بها هذه الأجهزة والشركات يجب أن تكون عاملاً إيجابياً يساعد على انتقاء أفضل العناصر وليست مدخلاً للفساد والمحاباة.
بالطبع لا أحد يعترض على توظيف الأكفاء من المعارف والأقارب والأصدقاء ولكن يجب أن يتم ذلك وفق مبدأ التكافؤ في الفرص بحيث تُعطى الفرصة للجميع، وإذا كان الشخص الأفضل الذي تنطبق عليه المعايير هو من المعارف أوالأقارب والأصدقاء فليس من العدل معاقبته وحرمانه من الفرصة لمجرد وجود علاقة قرابة أو صداقة أومعرفة، فهذه ليست محاباة.
غير أن ما يحدث في كثير من الأحيان هو أن المعلومات عن الفرص الوظيفية تُحجب عن العموم ويتم تداولها في دوائر ضيقة ولا يعرف عنها إلا أشخاص محدودون تُقدم لهم الوظائف على طبق من ذهب ودون وجود منافسين، علماً بأنه لو تم الإعلان عن تلك الفرص الوظيفية لَتَقَدَّمَ لها مواطنون أكفاء أفضل أحياناً من الذين تم تسريب أخبار الفرص الوظيفية لهم والتي قد تكون في واقع الأمر «مُفَصَّلة» لهم بالتحديد فيتم توظيفهم عليها سراً وبهدوء تام، وكل ذلك من أفاعيل الواسطة المقيتة التي هي سوسة الخراب في المجتمع عندما تحرم الكفؤ وتمنح غير المستحق.
هذا فسادٌ يجب إيقافه، وقد سمعنا سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يقول في المقابلة التلفزيونية الأخيرة: «لن ينجو من دَخَل في الفساد أياً كان وزيراً أو أميراً»، وطالما أن الدولة أوجدت جهازاً لمكافحة الفساد فإن هذا الجهاز مطالب بتكثيف جهوده وتَعَقُّب الفاسدين، ولم يعد هذا صعباً في زمن وسائل التواصل الاجتماعي التي تقدم معلومات وفيرة يمكن لهيئة مكافحة الفساد أن تتحقق من دقتها ومصداقيتها بطريقتها الخاصة وبما تملكه من إمكانيات.