محمد أبا الخيل
كنت أشاهد مقطع فيديو أرسله لي أحد الأصدقاء لمهرجان (إينوياما) الشعبي في اليابان وهو مهرجان مشهور يقام في بلدة (إينوياما) في أول شهر (أبريل) منذ العام (1635م), هذا المهرجان المحلي هو واحد من مئات المهرجانات التي تقام في شوارع مختلف المدن والضوحي والقرى اليابانية، وتشمل على عروض تقليدية وملابس تاريخية ومواكب مزخرفة ورقصات محلية، وبعضها يدوم أكثر من يوم، ولهذه المهرجانات هيئات وجمعيات تنظمها وتشرف على تمويلها، ولها أيضا هيئة وطنية تنظم (رزنامة) لنشاطات هذه المهرجانات التي تثري الحياة الثقافية في اليابان وتمجد تاريخها وتحيي في أذهان الأجيال الجديدة الشعورالعميق بالإنتماء للارث التاريخي لبلادهم.
عندما أسست الهيئة العامة للترفيه في المملكة في مثل هذا الشهر من العام الماضي، تبادر إلى ذهني مبادرة الكويت في منتصف السبعينات من القرن الماضي عندما تولى المرحوم صالح شهاب مشروع الترويج السياحي الصيفي الذي استمر عدة سنوات، وذلك للحد من سفر الكويتيين خارج بلادهم في فترة الصيف، فالدافع لتأسيس الهيئة العامة للترفيه هو تقريباً نفس الدافع لمشروع الترويح السياحي الكويتي، حيث لوحظ تزايد عدد السعوديين الذين يسعون للترويح السياحي في البلدان المجاورة أو البعيدة، وينفقون مبالغ مالية هائلة تمثل منهل تسريب للثروة الوطنية، ومع أن الهيئة العامة للترفيه منذ بداية انطلاقها قد بينت أن دورها في الترفيه لن يكون دور تنفيذياً، بل هو دور تنظيمي وتشجيعي، لذا أتت معظم البرامج التي نفذت في إطار الترفيه على صورة حفلات غنائية أو موسيقية ومسرحيات تمثيلية، وكان منفذو تلك البرامج مؤسسات أو شركات قطاع خاص هادفة للربح، وكانت بعض تكاليف حضور تلك الفعاليات غالية السعر لم يستطع قطاع كبير من الناس على تحملها.
وهو ما جعل انتقادات كثيرة تساق للهيئة العامة للترفيه وأن برامجها موجهة للفئة القادرة وليس لكل الناس. وبالتالي عليها أن تبدع في وضع برامج أكثر اقتصادية لتشمل بذلك قاعدة عريضة من المجتمع. هذا الأمر هو ما جعلني أكتب هذا المقال لأقترح على الهيئة النظر في تنظيم الترفيه الشعبي المجاني.
الترفيه الشعبي العام هو نشاط ثقافي وفني في مضمونه ويشمل المهرجانات الموسمية والمحلية، وكما ذكرت في مقدمة المقال عن مهرجانات اليابان، أجد أنه من المناسب أن تقوم الهيئة بتشجيع قيام مؤسسات نفع عام تنظم وتنفذ تلك المهرجانات وتشجع الشركات والمؤسسات الربحية على تمويل تلك النشاطات كجزء من واجبها الاجتماعي لتصبح تلك النشاطات مجانية تنفذ في الميادين والشوارع وفي مختلف المدن، والقرى، هذه البرامج في طبيعتها غير مكلفة تكاليف باهظة فمعظم نشاطاتها تعتمد على التطوع والأداء المحلي، وقد تكون في صورة مواكب استعراضية أو حفلات أدائية أو معارض منتجات فنية، تبرز فيها الثقافة الشعبية والموروثات الفنية وقد تكون مسرحيات في الهواء الطلق تقدم في الجدائق العامة والمنتزهات.
الترفية الشعبي موجود في معظم دول العالم وهو من مكونات الحضارة الثقافية لكل مجتمع وله هيئات ترعاه وتنظمه وأحياناً يمول من بلديات المدن أو من القطاعات التجارية فهو من نشاطات الترويج التجاري والجذب الجماهيري لمنطقة النشاط. والترفيه الشعبي يجب أن ينظم بطريقة جيدة فلا يترك للعشوائية أو الجهود الفردية وذلك لما تقتظيه هذه النشاطات من حاجة لتنظيم مروري وتوفر مواقف مناسبة وكافية وخدمات نظافة ومرافق صحية ورقابة أمنية.
آمل أن تنظر الهيئة العامة للترفيه في هذا الأمر بعناية خاصة.