خالد بن حمد المالك
قال الأمير محمد بن سلمان في لقائه المتلفز في قناتي الإم بي سي والسعودية الأولى «بالتزامن»، إن النظام الإيراني قائم على أيديولوجية متطرفة منصوص عليها في دستوره وفي وصية الخميني فكيف نتفاهم معه؟ ولكي لا يكون كلام الأمير قاطعاً ونهائياً في إدانته الصريحة للنظام الإيراني، أتمنى على ملالي إيران أن ينفوا ما قاله سموه، وأن يؤكدوا بما يخالف هذا القول من ولي ولي العهد، وبالتالي أن يقدموا الاعتذار والشعور بالندم على ما اقترفوه من جرائم في حق شعوب ودول المنطقة.
* *
ما قاله الأمير لن ننحاز إليه، ولن نؤيده، ولن نكون جزءًا من هذا التصور في تحليل الوضع في إيران، متى ما صدر عن النظام الإيراني ما يؤكد صراحة على أنهم قد عادوا إلى بيت الطاعة، وأنهم يعلنون من الآن وعلى رؤوس الأشهاد ندمهم على ما فعلوه، وأنهم يفتحون من الآن صفحة جديدة من العلاقات الودية مع جيرانهم، ومن ثم فسوف يعيدون النظر في أيديولوجيتهم القائمة على التطرف والإرهاب، بما في ذلك تنظيف دستورهم من كل نص يدعو إلى الفتنة، وتصدير الثورة، والتدخل في شؤون الدول وارتكاب الجرائم.
* *
أعرف أنهم أضعف من أن يتنكروا لوصية تركها الخميني لهم قبل وفاته بعد أن ألّهوه، وأعجز من أن يأخذوا قرارًا كهذا، وأنه ليس في وارد هذا النظام التوجه نحو تبني قرار تاريخي شجاع كهذا، بحيث يحمله النظام على عاتقه ومسؤوليته فيخلص الشعب الإيراني من تداعيات هذه الممارسات الصبيانية المجنونة، وأعرف أن مثل هذه الأنظمة الدموية تقوم سياساتها عادة على إلهاء شعوبها وإشغالها بمعارك جانبية لا ناقة لهم فيها ولا جمل، من أجل أن ينصرف اهتمامهم عن الأوضاع المأساوية التي يعانون منها داخلياً، بينما يتم الحشد والصرف والإنفاق والجهد على افتعال أزمات، وخلق عداوات، واستعراض القوة، لإثارة مواقف ليس فيها ما يفيد الشعب إلا في خيال الطغمات الفاسدة في بعض الدول وعلى رأسها جمهورية إيران.
* *
لقد آن الأوان لنظام إيران ليكفر عن كل سوءاته والجرائم التي ارتكبها، ويعود إلى عقله ووعيه ومسؤولياته في البعد عن كل ما يمس أمن واستقرار دول المنطقة، وأن يستفيد من المحن التي يواجهها لتصحيح أوضاعه في الداخل والخارج معاً، وأن يكون ما قاله الأمير محمد بن سلمان بمثابة جرس إنذار لهذا النظام البائس، فالمملكة كما قال سموه: لن تنتظر حتى تصبح المعركة في أراضيها، بل ستعمل لكي تكون في إيران حتى وإن اشتكوا مذعورين إلى مجلس الأمن، فهذا رد بليغ من سموه على أوهام أصحاب العمائم بالعمل للوصول إلى قبلة المسلمين باعتبار ذلك هدفاً رئيساً لهذا النظام المتهور.
* *
إن شعور النظام الإيراني بالتفوق عسكرياً هو غباء بمن يصدق هذا الكلام، فإيران أضعف من أن تكون كذلك، وحربها مع عراق صدام حسين خير مثال، إذ إنها انتهت بإذلال جيشها، كما أن محاولتها تغيير نظام الحكم في البحرين انتهى بالقضاء على المحاولة في ساعات، بتدخل مشروع من درع الجزيرة بقيادة المملكة العربية السعودية، وها هي أحلامها وأمانيها ومخططاتها في اليمن تذروها رياح التحالف العربي بقيادة المملكة، حيث تم تحرير 85 % من الأراضي التي احتلها الانقلابيون، فلم ينفع الحوثي وعلي صالح دعم إيران لهما، وتحالفها معهما، وتدخلها السافر في شؤون اليمن، ولولا التدخل الروسي في سوريا لكان إذلال التدخل الإيراني شهادة تاريخية أخرى تروى عن هزيمة لها على أيدي الشعب السوري.
* *
فإيران إذاً فرقعة إعلامية، وأبواق مشوهة تشتري ذممهم بمال الشعب الإيراني، وليس لها في كل الحروب التي دخلتها مباشرة، أو كانت عبر عملاء غير الهزائم، ما يعني أنه ليس أمامها من فرص لتكون جزءًا من هذا العالم المتمدن إلا الاستسلام، والاستجابة للعقل والحكمة والشعور بالمسؤولية، قبل أن تصل النار إلى أراضيها، ويرتد عدوانها إلى عدوان عليها، وويل لها إذا ما غضب الحليم ولم تستجب لذلك.