د. أحمد الفراج
يطلق الجميع على الرئيس الأمريكي، السابق، باراك أوباما، لقب أول رئيس أسود في التاريخ الأمريكي، وهذا ليس دقيقاً بالمعنى الثقافي لهذه الكلمة، فالسود، في الثقافة الأمريكية، هم الذين انحدروا من سلالات الأفارقة الأمريكيين، الذين جلبهم المستعمر الأوروبي للعالم الجديد، وأوباما قطعاً لا ينتمي لهؤلاء، فوالده كان طالباً كينياً، جاء للدراسة في أمريكا، وعلاوة على ذلك، فإن والدة أوباما سيدة بيضاء، وجده لأمه محارب أبيض قديم، وبالتالي فإن أوباما ينتمي إلى ثقافة البيض والسود معاً، وبما أن والدته البيضاء وجده هما من قام بتربيته منذ الصغر، فهو، باستثناء لون بشرته الهجين، بالكاد ينتمي إلى العرق الأسود، وهذا ما كان يقول به المحافظون السود، طوال فترة رئاسته، بل كانوا يقولون إنه تم الدفع به للواجهة، ليقال إن أمريكا انتخبت رئيساً أسود، مع أنه لا يعدو أن يكون سياسياً مصلحياً، يقدّم الخدمات لمن دفع به وسانده، أي البيض، على حساب عرقه!
قد لا يكون هذا الزعم دقيقاً بالمطلق، فأوباما له بعض المواقف المشهودة من قضايا السود، ومن يمكن أن ينسى موقفه الحازم، حينما اغتال شاب عنصري أبيض مجموعة من السود، بينما كانوا يتعبدون في كنيستهم، في مدينة تشارلستون ، في ولاية جنوب كارولينا، فقد صعّد أوباما هذه الحادثة، وساعده في ذلك فصاحته وبلاغته، وانتهى الأمر بقرار تاريخي، من حاكمة الولاية، الجمهورية نيكي هيلي (مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة حالياً)، والتي تمكنت من استصدار قرار برلماني بإنزال علم «الولايات المتحدة الكونفيدرالية» من مبنى عاصمة الولاية، وهو العلم الذي يرمز للعنصرية، وللفترة التي انفصلت فيها الولاية، مع ولايات أخرى، عن «الولايات المتحدة الأمريكية»، احتجاجاً على قرار تحرير الرق!
أوباما، أيضاً، رشح مجموعة من الساسة والقضاة السود، ليتسنموا مناصب رفيعة في إدارته، ومع ذلك، فإن الاتهامات التي تطاله من بعض السود يساندها أفعال مناقضة، كان فيها سلبياً تجاه بعض قضايا السود، ومما يعزِّز زعم سلبية أوباما تجاه قضايا بني قومه، هي مواقفه تجاه العالمين العربي والإسلامي، فقد خذل أوباما هذه الشعوب، التي احتفلت ورقصت طرباً بفوزه، واعتقدت أنه سيكون الزعيم الذي ينصف قضاياها، فإذا به ينقلب على أقرب حلفاء أمريكا، أي المملكة العربية السعودية، البيت الكبير للعرب والمسلمين، ومعها دول العالمين العربي والإسلامي، وينجرف بسياساته في الشرق الأوسط نحو خصمهم العنيد، وخصم أمريكا قبل ذلك! والخلاصة هي أن أوباما لم يكن رئيساً أسود، بل رئيساً غير تقليدي، حسب الثقافة الأمريكي، مع الاعتراف بأن التصنيف العرقي حسب اللون برمته غير دقيق، فمن يطلق عليه الرجل الأبيض ليس أبيض بالمعني الحرفي للكلمة، بل أحمر أو ورديا، كما قال زعيم الحقوق المدنية الشهير مالكوم اكس، أو مالك شباز، لأحد القضاة العنصريين ذات زمن بعيد!