خالد بن حمد المالك
سلطان بن عبدالعزيز حالة استثنائية في الأعمال الخيرية، وظاهرة نادرة بين الموسرين الذين ينفقون بلا حساب على أعمال البر، بل ويوصون بها ويخصصون وقفاً دائماً للإنفاق عليها بعد وفاتهم، إنه جمعية خير بشخصه، وسحابة خير لا يتوقف مطرها على امتداد المعمورة.
* *
أقول هذا الكلام بعد ساعات من وقوفي على مشهد يعبر أصدق تعبير عن إنسانية سلطان بن عبدالعزيز ليس في حياته فقط وإنما بعد وفاته أيضاً، وليس في بلاده فحسب، وقد ضجت ولا تزال بكل كلمات الإطراء عن إنسانيته، وإنما في بلاد الغربة، في الديار البعيدة، في الدولة المسلمة الشقيقة أندونيسيا.
* *
فقد تم الاحتفال هذا الأسبوع برعاية وحضور أكبر أنجال الفقيد الأمير خالد بن سلطان الذي يتولى رئاسة مجلس أمناء مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية، باختتام مسابقة الأمير سلطان بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم والسنة النبوية على مستوى دول آسيا والباسفيك في العاصمة الأندنوسية جاكرتا، وتكريم الفائزين بها في دورة جديدة.
* *
وبالعودة إلى التاريخ، فقد كانت المسابقة تقتصر على مستوى الجامعات والمعاهد والجمعيات في أندونيسيا، إلى أن طلب الرئيس الاندنوسي السابق الدكتور سوسيلو بودويونو من الأمير سلطان توسيع المسابقة لتشمل دول آسيا والباسفيك، وجاءت موافقة الأمير، مع تأكيد منه بأن هذه المسابقة، إنما هي وسيلة لتعزيز التعاون والصداقة بين شعبينا الشقيقين.
* *
وبالعودة إلى التاريخ أيضاً، فقد ولدت فكرة المسابقة أولاً من مكتب الملحق الديني في سفارة المملكة بجاكرتا، مدعومة من وزير الشؤون الإسلامية الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، وبين المكتب والوزير، هناك أسماء كثيرة شاركت بجهدها وعملها ومتابعتها في إنجاح إطلاق هذه المسابقة، منذ العام 1422هـ، ولكن بمسمى المسابقة السنوية لحفظ القرآن والسنة النبوية على مستوى أندونيسيا.
* *
ومع نجاح المسابقة، والتأييد الذي قوبلت به، وخلو اسمها من شخصية إسلامية عالمية بارزة في خدمة القرآن والسنة النبوية، فقد رُؤِيَ أن يعرض على الأمير سلطان أن تكون المسابقة باسمه تقديراً لبذله وعطاءاته في خدمة الإسلام، فلم يمانع - رحمه الله - بل إنه رحب بالعرض، وأعلن عن تكفله بجميع نفقاتها.
* *
وفي هذه الدورة التي تفضل سمو الأمير خالد بن سلطان بدعوتي لحضورها، رأيت ما لفت نظري، وشاهدت ما أسعد خاطري، وتفاعلت مع ما عمق الشعور لدي من أن المملكة برجالاتها ومواقفها وخدمتها للإسلام والمسلمين، لا تبارى ولا تجارى ولا تقارن بغيرها، وأن هذه المسابقة واحدة من مواقف حميدة تذكر المملكة بها فتشكر، ويذكر بها سلطان الخير فيدعى له ويترحم عليه.
* *
حشد من الناس من المملكة وأندونيسيا ودول أخرى حضروا وتفاعلوا، وشاركوا الفائزين أفراحهم، وأكد المشهد الجميل أن مثل هذه المسابقة وغيرها إنما تقوي العلاقات بين الدول الإسلامية، أو كما قال الأمير سلطان بن عبدالعزيز من أن تنظيم مثل هذه المسابقة، إنما هي وسيلة لتعزيز التعاون والصداقة، وترسيخ معاني الأخوة الإسلامية بين الشعوب الإسلامية.
* *
الحضور البهي من المملكة شارك فيه عدد من أصحاب المعالي والفضيلة، وكانوا كلهم فرح وسعادة وانتشاء بما رأوه، بل قد فاضت الكلمات بسياقها المتتبع باعتزاز للنجاح الذي تحقق، وكان راعي الحفل الأمير خالد بن سلطان حاضراً بذهنه ووقته وحديثه مع ضيوف المسابقة، في جميع اللقاءات الجانبية والمناسبات، يتبادل مع الجميع الكلمات والأفكار في جو مفتوح، وأريحية كاملة.