رقية سليمان الهويريني
يحدث الخلط بين الحسد والغيرة، إلا أن الغيرة هي الأصل الذي يتولّد منه الحسد، والغيور تنقصه الثقة بنفسه وقدراته، حيث يشير الدكتور بير كارلو فالديسولو أستاذ علم النفس في كلية كلير ماونت ماكينا في كاليفورنيا إلى أن الشخص الذي لديه تقدير متدنٍ لنفسه تزداد عنده مشاعر الغيرة، أما من تكون ثقته بنفسه قوية فإن تعرضه لهذا الشعور أقل.
وتبرز الغيرة في حالات الصراع والمنافسة بين الأفراد سواء في الدراسة أو العمل أو في الحِرف والهوايات، كما تحدث في السياسة والاقتصاد وعلى مستويات عليا ودنيا! وللأسف تقع بين الإخوة والأخوات. وهي بالأساس ناتجة عن الأطماع والتكالب على الموارد المعيشية، وعلى مصادر القوة والسيطرة بهدف تحقيق المكانة والحظوة.
والغيرة انفعال مركب يجمع بين الرغبة بالتملّك المادي أو المعنوي توقده المنافسة الممزوجة بمشاعر القلق والخوف والحزن ومن ثم الغضب والثورة والكراهية. وهي غريزة فطرية في الإنسان الطبيعي، وانفعال محمود وحافز إيجابي يقود للتفوق وتحسين وتطوير الذات وتقدمها ما لم تنحرف عن مسارها، فإن أُطلق العنان لها دمرت صاحبها بالقلق وانشغال النفس بمحاربة الآخرين وكراهيتهم وتهميشهم وربما إعاقة المتفوّقين والإضرار بهم ومحاولة القضاء عليهم بالتدابير السلبية. وهذه الآفة النفسية تؤدي إلى مرض اجتماعي مستعص ٍيتسبب بتعطيل الاستفادة من قدرات المبدعين والنابغين وتشويه صورهم أو التشهير بهم وإزاحتهم عن المشهد الاجتماعي.
إن سعي الفرد مدفوعاً بأنانية مقيتة لتحقيق مكانة وحضور يجعله يتخذ سلوكاً عنيفاً ممزوجاً بالكراهية والعدوانية لتهميش الآخر ومضايقته وقد يصل لسبه وضربه أو قتله!
وتبدو لدى الشخص الغيور مظاهر نفسية تتمثّل بالانزواء وفقدان الشهية والحزن والبكاء، وأخرى جسدية كنقص الوزن والصداع والشعور بالتعب.
وحيثما وجد الصراع المحموم؛ ستوجد الغيرة، والنبلاء هم من يعملون بروح الفريق بعيداً عن الصراعات، حيث النجاح حق للجميع!