د. خيرية السقاف
تتغير المجتمعات عبر مفاصل, وحلقات, وأبواب, وسراديب..
لكن أن تتغير بين عشية وضحاها, وفي لمح البصر, وبعد نوم واستيقاظ
تنام على فكرة, وتستيقظ وقد تجسدت متغيراتها
ما إن تنهي لفظ آخر حروف في رغبة, إلا تصبح ماثلة
تصرخ بطلب فيركض الجميع بفعله
تُلُمح برفض فتصيب الرمية نحو نقيضه الهدف
تقبض على عقارب الساعة ولا تفلتها إلا وكل ما تريد حاصل
هذه المجتمعات القابلة أن تتخلص من عطرها, وطعامها, وسجلها, وآثارها, ووتدها
وظلالها, ولونها, ومكانها في لمح البصر بالأكيد لم تكن راسخة في كل ما تتغير فيه على غرة,
ما يدل على أنها كانت خلف حجب موهِمة, وأقنعة واهية, ما لبثت أن ألقت بها
وانطلقت..
هذه المجتمعات لم تكن قناعاتها واضحة, ولا قيمها ثابتة, ولا معارفها صافية, ولا آراؤها ثابتة,
ولا مفاهيمها جلية,
روافدها ليست قراحًا, ومنابعها لم تكن عذبة زلالاً, وقواعدها ليست مكينة ضاربة في الجذور!!
لذا بين عشية وأخرى تخرج متمردة على ذاتها, مُفضية بالمخبوء مما خلف القشور, والأقنعة والسُّتر!!
ما أهلك المجتمعات البشرية إلا أن تقوم أبنيتها على فراغ, وتضرب أوتادها في جير, وتتلجلج حين تُسأل عن أسسها فلا تعرفها, وعن تكوينها فتتخبط في إسناده, وعن ضوابطها فتكون مسبحتها قد انفرطت..
الناس في هذه المجتمعات كادحون نحو التردي, موغلون في الظنون, والوهم
فالزمن الذي فيه يواجهون فيه الحقيقة سيدركون كم من الضباب قد اعترضهم وما كان عليهم غير اختراقه, وتذويبه,
فهم لا ينتصرون في معركة التغيير!!..