د. ناهد باشطح
فاصلة:
(مياه الأنهر حلوة، ولكنها ما أن تصب في البحر حتى تصبح مالحة)
-حكمة عالمية-
عالمنا اليوم هو عالم الصوت والصورة والمختصون في ثقافة الصورة يدركون إلى أي مدى تؤثر الصورة في المتلقي، حيث تحمل دلالات غير مباشرة وغير ظاهرة في رسالتها للمتلقي وتحدث أثراً أبلغ من النص.
على سبيل المثال في متابعتي لتغطية الصحف المحلية لأثر الأمر الملكي السامي بتمكين المرأة من الحصول على مراجعة بعض الدوائر الحكومية بدون اشتراط موافقة ولي الأمر، راقبت نشر الصحف المحلية لصور المرأة السعودية مع المواد المنشورة، وبالطبع كان معظمها صور المرأة بالنقاب وهو ما يستند عليه الإعلام الغربي كجزء من مصادر تشكيل صورة المرأة السعودية وفق نسخة واحدة في الزي الذي بنظرهم ينعكس على الشخصية ودورها.
لكن ما لفت نظري هي صورة كانت تناقض النص إذ كانت صورة غير واضحة المعالم بشكل جيد لفتاة تظهر وجهها، تطالع الكاميرا وتنظر لها بفرح صورة بطاقة الأحوال الخاصة بها وعليها غطاء أبيض يخفي صورتها في الوثيقة وهو ما اعتاد العمل به في المحاكم، حيث لا يقبل القضاة استلام بطاقة أحوال النساء وبها الصورة الشخصية.
حجم الصورة في الصحيفة كان لافتاً وأعتقد أنه أوصل للمتلقي عكس ما أراد النص إيصاله من التفاؤل بحصول المرأة السعودية على مزيد من حقوقها.
في ذات الوقت قرأت تغطية خبرية عن مهرجان السينما الإفريقية الذي عقد في مايو 2015 والذي يعد أكبر تظاهرة سينمائية على الصعيد الإفريقي، و يقام منذ سنة 1977م.
اللافت في التغطية الخبرية أن المهرجان يرعى الأفلام الوثائقية ويحث على إقناع المشاهد بجدوى السينما الوثائقية في علاقتها بالنسق التربوي، وجعل الفيلم مادة خصبة للتربية والتعليم. وتفكرت كيف استخدم المهرجان السينما الوثائقية كأداة معرفية، إلى جانب إذكاء روح الإبداع السينمائي الوثائقي لدى الطلبة، والتركيز على ثقافة الصورة، التي يمكن اعتبارها أداة حقيقية للتعلم، وتهذيب الذائقة الفنية، وذلك لأننا بتنا في عالم أصبح التصوير فيه بالكاميرا استهلاكي ولذا طغت التقارير المصورة القصيرة والسريعة دون أن يكون صاحبها محترفاً لفن التصوير أو مدركاً لأهمية الصورة.
عالم الإعلام اليوم يتطور بشكل مخيف ويؤثر أيضاً بشكل خطير بينما ما زال البعض يعتقد أن الإعلام من أسهل المهن ولا يمكن مقارنته بالعلوم الأخرى.