الثقافية - محمد المرزوقي:
موقف تناولته شبكات التواصل الاجتماعي بالعديد من ردود الأفعال، التي جاءت في مجملها بين مؤيد ومعارض، وبين أصحاب رد ورد. وصفت إبراهيم شحبي بأنه يريد أن يلفت الأنظار عندما قرر بيع مكتبته «الشخصية» لحاجته إلى شراء حراثة؛ إذ جاءت الردود في شبكات التواصل الاجتماعي تجاه أصحاب هذا الرأي الانطباعي بأنهم نظروا إلى موقف شحبي من خلال رؤيتهم مجيرة بظنونهم، متناسين أن الشحبي ابن إحدى قرى رجال ألمع، أديب، لم تفارق آلات الحرث والحصاد صحبة قلمه الذي يحرث به الصفحات، كما يحرث ويحصد في صفحات «مواسم» مزرعته الخاصة، التي طالما تجول فيها المثقفون بصحبة شحبي كتجوالهم بين عناوين مكتبته التي تضم آلاف الكتب التي جمعها شحبي طيلة 35 عامًا. كما وصف آخرون بعض الردود التي وصفت شحبي بالبحث عن «ضوء» بأنهم لا يعرفون عن شحبي إلا «اسمه»، ولا يدركون ما ينفقه المثقف على مكتبته، ولا يعون حقيقة ما يبذله المؤلف من جهد ومال على ما يصدره من كتب! الأمر الذي يزيد من معاناة المثقف ويضاعف خساراته «المادية» التي لا تزال تؤكد مقولة: أدركته حرفة الأدب فأدركه الفقر! فيما جاء الكثير من ردود المشهد الثقافي عبر وسائل التواصل الاجتماعي متعاطفة مع موقف شحبي، ليس تعاطفًا يقف عند مكتبة شحبي، التي أصبحت (مهرًا) لحراثة يفلح بها مزرعته، إنما تفاعل يتجاوز هذا الموقف إلى ما يمثله لشريحة من المثقفين والمثقفات الذين أثقلت كواهلهم حرفة الثقافة بما أصبحت تتكئ عليه من متطلبات حياتهم المعيشية، خاصة بعد أن يتقادم الزمن بالمثقف، ولا يجد بين يديه اليوم إلا ما أثقلها بالأمس. فيما اعتبر آخرون أن شحبي الذي قالها صراحة بأن بيعه مكتبته جاء خيارًا وحيدًا لحاجته المالية لشراء حراثة لكونه يرفض الاقتراض من أحد البنوك؛ لما سيترتب عليه من دين إضافي!
كما ناشد العديد من المثقفين والأدباء والمثقفات في مشهدنا المحلي عبر حساباتهم تفاعلاً مع شحبي وعرضه فرث جمعه لأكثر من ثلاثة عقود، إلا أن يجددوا النداء إلى وزارة الثقافة والإعلام بأن تتبنى إحدى أهم التوصيات التي تكررت مطالبة الأدباء في المملكة بالمبادرة بتنفيذها بدءًا بـ«مؤتمر الأدباء الأول»، وانتهاء بالخمس، الذين لا يزالون يلحون فيه على إنشاء «صندوق الأدباء» الذي قد يسد بعضًا من حاجات المثقفين الطارئة، ويكفل لهم التغلب على ضائقة مالية أو أزمة صحية أو حاجة أدبية، تساهم في تجاوزات بعض عوائق النشر المادية لمؤلفاتهم. فيما استشهد بعض المتفاعلين مع شحبي بقوله تعالى {تحسبهم أغنياء من التعفف}؛ إذ صنف بعض المتفاعلين عبر حساباتهم شريحة من المثقفين بأنهم من (فقراء الثقافة)؛ ما يؤكد حاجة المثقفين إلى إنشاء صندوق لهم، خاصة في ظل المتغيرات الرحلية، والتحديات المعاصرة بمختلف مستوياتها التي أصبحت تحيط بالكتاب الورقي، وبالنشر بمختلف أشكاله في ظل حال «التلقي» في زمن ثورة الصورة، وهيمنة الشاشة!