د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** في الملتقيات الثقافية يصير المتن هامشًا والهامش متنًا،ولا نعجب حين نرى بعض المنتدين خارج قاعاتها يتناقشون كما لا نستغرب عندما نراهم داخلها يتهامسون؛ فمعظمهم لم يأتوا للإفادة العلمية المجردة فبإمكانهم المتابعة عبر الوسائط الورقية والرقمية كما قراءة الدراسات والمستخلصات البحثية دون أن يُضطروا للترحال وتعليق برامجهم اليومية والعملية؛ فهنا فقط يتقدم التعارفُ على المعارف.
** الحديث هنا لا يخص منتدياتٍ بذاتها بل يشمل هنا وهناك ؛ في الغرب كما الشرق، وربما عُقدت صفقات وأُجريت مفاوضات ونُفذت تحالفات على الهامش وتُرك المتنُ للاختصاصيين، ولا بأس؛ فالمتن والهامش يتعانقان بأهمية متوازية لا يفترق سطحهما عن عمقهما، وفي الحالة الثقافية تزداد القيمة للهوامش؛ ففيها تآلفٌ وتكاتفٌ وحدٌ من الركض العابث في مسارات الاختلاف المفضي إلى الخلاف ، والوفاق المستبدل به الشقاق.
** ولعل من أجمل ما صادفه صاحبكم في المنتديات المحلية موعدَ الحادية عشرة ليلًا في غرفة رئيس نادي القصيم الأدبي الصديق الدكتور حمد السويلم؛ فحيثما يحل ينعقد اللقاء العفوي الممتلئُ أريحيةً وكرمًا وتواضعًا وجمالًا، ولا مجال للانشغال بعمل أو الاحتجاج بتعب أو الالتزام بموعد منام؛ فأبو عبدالعزيز سيرفض كل الأعذار، وحين يأتلف ضيوفه فإن القهوة العربية وتمر السكري ثابتان ،ولا مجال لقول : «بَس» دون إكمال ثلاثة فناجين جريًا على عادة العرب الأصلاء كما تروي الحكايات ( فناجين السيف والكيف والضيف ) وثلاث تمرات وترًا إحياءً للسنة الكريمة، ومن زاد ازداد غلاه.
** ولحسن حظ صاحبكم فقد تتالت لقاءات الحادية عشرة ليلًا هذا العام في شيراتون الدمام وقصر أبها، وشهدت حضورًا نوعيًا جميلًا ؛ توَّجه أساتذتنا وأصدقاؤنا في جلساتٍ مورقةٍ بثراء المحبة والحوار، وكنا في غرفة الدكتور السويلم كما نكون في غرفنا بملابسنا المنزلية متحررين من الرسميات ومستمتعين بالطرفة والحكاية والتعليق والمعلومة.
** في مجلس السويلم المسائي رأينا الروح المرحة المضيئة لأساتذتنا وأحبتنا : حسن الهويمل ومحمد مريسي الحارثي ونايف الدعيّس وعبدالله عسيلان وخليل الفزيع وصالح رمضان وحسين المناصرة ومحمد نجيب العمامي ومحمد بودَي وثامر المحيسن ومحمد الجلواح وصالح العوض ومحمد الرويلي وكثيرين يعذروننا عن عدم الإشارة إليهم ؛ فالمجال للاستشهاد لا للتعداد.
** شكرًا لمضيفنا باذخ الكرم الذي يصنع القهوة والشاي ويخدم الضيوف بنفسه، وربما لم يجد مكانًا يجلس فيه فيبقى واقفًا يستمع ويستمتع ؛ فسعادته في توفير جوٍ عامرٍ بالابتسامة والابتهاج، وكذا لا يُستغربُ الخلق النبيل من هذا الإنسان الأصيل.
** الكرمُ فعلٌ وتفاعل.