د. صالح بن سعد اللحيدان
لقد سبق القول عند معالجة أصل الخطأ لدى بعض العلماء والباحثين المعاصرين.. سبق أن العجلة وإرادة الوصول إلى النتيجة هكذا قد تكونان سببًا لحصول الزلل في البحوث والدراسات.. وكذا لدى بعض الكتّاب اليوم.
وكنتُ سلفًا قد بيَّنت شيئًا من بعض المسائل ذات الأهمية البالغة من بعض المسائل وبعض المسائل النحوية.
واليوم لعلي - أقول لعلي - أبيّن بعض ما يقع فيه بعض الذين يزاولون الكتابة أو المحاضرات أو الفتيا مما لا يحسن أن يكون.
ومن أوجب ما أردت نظره هنا على بسط مختصر ما يقع في باب الاستثناء.
وهذا الباب مهم بحد ذاته لحصول الإشكال في بعض حالته.. وحال أدواته.
فمثلاً من المعلوم من حال الأدوات أن أداة «إلا» هي الأداة الشائعة عند عامة ذوي العلم والثقافة، لكن هناك أدوات غيرها وردت، ويقع فيها الإشكال من هذه الحيثية.. وأبيِّن ما يأتي:
1. حقيقة الاستثناء/ اسم يقع للضرورة بعد إلا.
وقد أبان النووي في شرحه على (صحيح مسلم بن الحجاج) والعيني في شرحه على (صحيح البخاري) وبيّنه كثيرًا ابن العربي في (أحكام القرآن) وأورده (أبو حيان التوحيدي) في (البحر المحيط).. وبالعودة إلى هذه المطولات بشيء من التأني وسعة البطان والتكرار لبان عظم هذا الباب من أبواب (علم النحو) الذي لا تدرك المعاني إعرابًا إلا به.
2- فمثلاً: (إلا) يكون ما بعدها من الأسماء يدور بين وجوب النصب بلازمه أو يكون حاله كحال ما قبل إلا.
3- أو يكون ما بعد (إلا) استثناء مفرغًا؛ فهنا يختلف الوضع الإعرابي، ولم أجد مخالفًا، فتكون إلا في هذا النسق أداة حصر، يدرك هذا من خلال السياق.
4- وهذه الحالة من الإعراب مثل سابقتها قد يقع الخلل الإعرابي من: العالم.. أو الباحث.. أو المفتي.. أو الكاتب دون قصد، لكن وقوعه شائن مشين.
وهذه (الحال) هي أن يعرب الاسم أو الأسماء بعد إلا بحسب الموقع من الإعراب، وهذا ما أدعو لتأمله ومعاودته.
5- هناك (أدوات) تغني عن «إلا» عند اللازم للإيراد، لكن الخلل يقع إذا وقع بسبب التشابه؛ فهناك عدا.. وليس.. وخلا.. ولا يكون.. وحاشى.. وسوى.
والإعراب بعد هذه الأدوات يختلف حسب دلالة المفردات، وبحسب حال الأداة. فتنبه.
6- ولعل الممارسة والاستعداد الجيد هو ما يفهم من خلاله الإعراب بشائك ولا بصعب المنال فهمًا وواقعًا.
7- بعض أمثلة الخلل:
1- (صدقوني أيها الحضور ليس إلا أنا) العبارة صحيحة لكن لو قال: (إلا محدثكم).
2- (هنا لم يأتِ أحد سوى نفرا).
3- (هذا هو الكلام غير أحد).
فما بعد: (سوى الصواب الكسر تنوينًا)، ومثل هذا (ما بعد غير).
4- (العبرة دائمًا تكون مثله إلا القيل والقال). العبارة جيدة (لكن المحاضر بأحد النوادي الأدبية سكن (القيل والقال) مع استمراره بالحديث عن أصول ومصادر الأدب العربي).
5- (تلكم العبارة جميلة إلا أنها ذات مردود) المحاضر هنا فتح (ذات) مع أن حقها (الضم).