سعيد الدحية الزهراني
تعيش البشرية اليوم مرحلة الموجة الحضارية الرابعة التي باتت فيها بيئة الاتصال الالكتروني امتداداً لانفعالات الإنسان ومشاعره وعواطفه ووجدانه.. بعد أن بلغ الفعل الاتصالي في سياق تطبيقه الفعلي مرحلة الاكتمال التي عم فيها وشمل جماهير وأفراد المتصلين المتواصلين على امتداد فضاء الأرض وعلى مدار ليس الساعة ولا اللحظة.. بل الومضة.. وبالتالي فإن الحديث عن تحقق العملية الاتصالية حالياً بات ضرباً من التشويش !
التوصيف أعلاه يقودنا إلى قراءة الانعكاسات المترتبة على هذا الإنجاز البشري الذي يعد مرحلة من مراحل حضارة البشرية.. وواحداً من بين أبرز تلك الانعكاسات حين لم يعد الاتصال أو التواصل مهماً فقد تم وأنجز وأنضج باكراً.. هو ما خلف الاتصال أو ما يخفيه التواصل.. إنها النوايا.. النوايا التي نتلبسها ونحن نستمثل العملية الاتصالية.. ليولد سؤال النوايا في بيئة الاتصال الالكتروني: هل يمكن أن نخفي نوايانا إلى الأبد بشكل تام وكامل ونحن نمارس الاتصال والتواصل الالكتروني؟ الإجابة لن تكون نعم رغم مرارة الانكشاف..
اليوم بفعل هذا المعطى الحضاري الاتصالي الذي حقق واحدة من أهم الغايات الإنسانية وهي حاجة الاتصال والتواصل الأسرع والأيسر والأعم.. بدا وكأن علّة النظرية تلك التي تحمل بذور فنائها بين طياتها.. هي ذات العلّة الذي تحمل بذورها بيئة الاتصال الالكتروني بين طيات موجاتها الصاعدة إلى السماء الشاهدة على الفناء.. ومن هذه العلل/النتيجة.. سؤال النوايا التي لم تعود سراً.. فما تخفه اليوم في تطبيق اتصالي الكتروني ستكون حتماً قلته أو ألمحت إليه قبلاً في تطبيق آخر أو ستكشف عنه وتصريحاً أو تلميحاً في تطبيق اتصالي جديد.. وهنا نستعيد الأساس الفلسفي لعصر الموجة الحضارية الرابعة التي أشرت إليها أعلاه من حيث ارتباطها بانفعالات الناس ووجداناتهم ومشاعرهم وأحاسيسهم.. إنها هنا النوايا حين لم يعد الاتصال هو المهم اليوم.. المهم اليوم هو النوايا.. ويارب أصلح النوايا والمطايا..