يوسف المحيميد
جمعتني الصدفة بالصديق الفنان ناصر القصبي في رحلة إلى دبي، وكانت فرصة جميلة بالنسبة لي، لاستعادة الأحلام القديمة، والحديث حول الدراما السعودية، خصوصاً فكرة مسلسل «العاصوف» الذي كان ناصر - وكما أعرف- يخطط له منذ أكثر من عشر سنوات، أي المسلسل النهر، الذي يدون تاريخنا الاجتماعي، خاصة أن شريكة حياته الروائية والإعلامية بدرية البشر أنجزت دراسة سوسيولوجية تحليلية في الماجستير عن الحياة الاجتماعية في نجد، مما يعطي العمل بعدًا توثيقياً حتى وإن لم تكن أحد المشاركين في كتابة النص، الذي أنجز جزأين منه الكاتب الراحل عبدالرحمن الوابلي - رحمه الله.
كنت سعيدًا وأنا أتابع إعلانات مسلسل العاصوف، وأقول لنفسي أخيرًا سيرى النور هذا المسلسل الحلم، كما هو شأن أكثر المشاهدين الذين ينتظرون العمل بفارغ الصبر، لكن المفاجأة أن أوقفت الإعلانات، وصدر قرار تأجيل بث العمل، مما جعل الناس يتداولون أسباباً مختلفة لإيقافه، مما جعلني أتساءل عن سبب تأجيل العرض، فكانت إجابة أبي راكن هو أن العرض تأخر عمّا كان مخططاً له، بحيث يفترض أن ينتهي عرض حلقاته قبل شهرين على الأقل من بداية رمضان، كي يمنح المشاهد فرصة التقاط الأنفاس قبل عرض المسلسل الرمضاني «سلفي»، فناصر القصبي فنان ذكي، يعرف أن تفوقه - إضافة إلى موهبته الكبيرة كفنان كوميدي- يتمثّلان في التخفف من الظهور الدائم، على عكس بعض الفنانين الذين يشاركون بأربعة وخمسة مسلسلات دفعة واحدة، وفِي شهر واحد، هو رمضان، حتى تلتبس شخصياته على المشاهد!
ولعل المفاجأة الجميلة، حين جلست مع ناصر، أنه كان يقرأ في مخطوطة سيناريو الجزء الثالث من «العاصوف» وهي المرحلة الممتدة من العام 1979، أخطر المراحل والتحولات في تاريخنا المعاصر، حيث يبدأ الجزء الأول من عام 70 وحتى استشهاد الملك فيصل عام 75، والجزء الثاني ينتهي باحتلال جهيمان وجماعته الحرم المكي عام 79، ثم يتناول الجزء الثالث مرحلة التحولات مع حرب أفغانستان، وكل ذلك من خلال الواقع الاجتماعي، وتأثر الشخصيات والأسرة بهذه التحولات، بمعنى أنه سيُصبِح لدينا مسلسل اجتماعي طويل يدون سيرتنا، ليفهم الجيل الجديد تحولات هذا المجتمع، كما فهمت الأجيال المصرية الجديدة تاريخها من خلال المسلسل الشهير «ليالي الحلمية».
كلنا ننتظر بحماس هذا العمل الكبير، وتحية إجلال وتقدير للفنان الكبير ناصر القصبي وفريق العمل معه، الذي سيصنع تاريخنا الدرامي الجديد.