د. توفيق عبدالعزيز السديري
تأتي إقامة معرض (نايف القيم) الذي تقيمه جامعة المؤسس بعد مرور خمس سنوات على رحيل صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- الذي ساهم مساهمة كبرى في ترسيخ الأمن والأمان بالمملكة العربية السعودية، وأرسى دعائم الأمن الفكري من خلال محاربة الإرهاب والتطرف والغلو وتعزيز الوسطية والاعتدال، كما كان له دور أبوي تجاه شباب الوطن المغرر بهم في الداخل ومساهمته في تسهيل إجراءات عودة المغرر بهم في الخارج لأرض الوطن ومناصحتهم، وبيان حقيقة الهجمات التي تسعى لتشويه رسالة المملكة العربية السعودية وجهودها على المستوى الإقليمي والدولي.
لا شك أن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- كان أحد الرجال الذين خلدوا ذكراهم من خلال جهوده وإنجازاته في محاربة الإرهاب وقمع جذور الفساد والفتن ليس في المملكة العربية السعودية فحسب، بل كان له دور رئيسي وجهود كبيرة في إخماد نار الفتنة، وقطع الطريق على كل من يسعى للنيل من أمن واستقرار الكثير من الدول في العالم العربي والإسلامي، وكان كثير من زعماء العالم يلبون دعوته ويستجيبون لأمره ويأخذون برأيه، ويدرك من تشرف بلقائه -رحمه الله- والحوار معه أنه رجل استثنائي، لما يتميز به -رحمه الله- من سمات شخصية كالحكمة وبعد النظر بالإضافة إلى أنه كان يحمل هم خدمة الإسلام والمسلمين في كل مكان، فشخصيته -رحمه الله- تشكل رمزاً له عمقه وبعده الإسلامي والوطني والاجتماعي والأمني والفكري والإعلامي.
وبالتزامن مع إقامة معرض (نايف القيم) الذي سيتضمن ندوات ومحاضرات وعروضاً مرئية ترصد تاريخ وجهود وإنجازات صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- تذكرت التوجيه الكريم والوصية الشهيرة التي قالها في إحدى المناسبات (نحن مستهدفون في عقيدتنا، نحن مستهدفون في وطننا، أقولها وبكل وضوح وصراحة لعلمائنا الأجلاء، وطلبة علمنا، ودعاتنا، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، وخطبائنا. دافعوا عن دينكم قبل كل شيء، دافعوا عن وطنكم، دافعوا عن أبنائكم، ودافعوا عن الأجيال القادمة)، هذه الوصية العظيمة تؤكد حرص واهتمام قيادتنا الرشيدة على المحافظ على مقدرات بلادنا المباركة ومكتسباتها، وستبقى نبراساً يضيء الطريق لمواطني بلادنا الحبيبة والمقيمين فيها وزوارها لعيش حياة كريمة يسودها الأمن والأمان والاستقرار.
ومما يجبر مصاب الأمة في فقد قاهر الإرهاب هو أبنائه الذين ساروا على نهج والدهم -رحمه الله- وأخذوا عنه حب الوطن، والتفاني في خدمته، والقوة والحكمة في مواجهة التحديات التي تواجه بلادنا، وفي مقدمتها مكافحة الإرهاب والتطرف والغلو بكافة أشكاله وصوره.
قد يطول الحديث عن مناقب الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله-، ولعلي أسلط الضوء على بعض الجوانب المشرقة في حياته وهي رعايته ودعمه اللامحدود لمسابقات حفظ القرآن الكريم والسنة النبوية، يأتي في مقدمتها مسابقة الأمير نايف بن عبدالعزيز لحفظ القرآن الكريم للقطاعات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية.
فالأمير نايف -رحمه الله- سار على نهج والده مؤسس وموحد هذه البلاد المباركة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وعلى نهج أبنائه البررة حتى هذا العهد الزاهر عهد قائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -أيده الله بنصره- الذين اتخذوا من القرآن الكريم دستوراً ومنهاجاً، لاسيما أنه -رحمه الله- ظل يردد (إن أفضل تشريع لهذه الدنيا هو كتاب الله تبارك وتعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وتتشرف المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها بحمل هذا الشرف) في كثير من المحافل والمناسبات.
لقد أولت المملكة العربية السعودية عناية كبيرة بكتاب الله جل جلاله وبالسنة النبوية المطهرة، وتبنت الذود عنها والاهتمام بها، والاهتمام بأهل العلم المعنيين بها، حيث تنبع مكانتها من مكانة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن كونها المصدر الثاني للتشريع الإسلامي في العبادات والمعاملات، ومنبعاً للقيم والأخلاق والسلوك لقوله تبارك وتعالى في سورة المائدة: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}، ومن هنا جاءت فكرة جائزة الأمير نايف العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة، التي تأسست في 29-5-1422هـ وتعد ثاني أكبر الجوائز في خدمة الإسلام والمسلمين بعد جائزة الملك فيصل العالمية، فهنيئاً لصاحب المسابقة الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- هذا الأجر المتصل والعمل الدائم والصدقة الجارية، وهنيئاً لبلادنا الغالية بقادة نالوا الوسام العظيم والشرف النبيل الذي لم يحظ به أحد غيرهم، وهو وسام الخدمة الرائدة للقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
إن جائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة ما كانت لتبقى لولا توفيق الله عز وجل ثم جهود أبنائه البررة الأوفياء، وها هي راسخة الجذور، ونشاطها ممتد ليصل للعالم أجمع، وذلك بفضل الله العلي القدير ثم بفضل الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- الذي قدم الكثير لهذا الدين بما في ذلك السنة النبوية التي خصها بجائزته، وسار على هذا النهج من بعده أنجاله صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمير المنطقة الشرقية رئيس الهيئة العليا للجائزة، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية المشرف العام على الجائزة اللذين جعلا هذه الجائزة أنموذجاً يحتذى به في البر بوالديهم.
ولعلي أختم الحديث عن بعض مناقب الراحل بمبادرته في تبني ورعاية أسر شهداء الواجب رعاية شاملة، لا تقتصر على الجانب المادي فحسب، بل تشمل رعايته كافة الجوانب، كما يحرص -رحمه الله- سنوياً على استضافة أسر الشهداء ومعايدتهم واستضافتهم سنوياً لأداء مناسك الحج، إلى جانب أمره الكريم بإخراج الصدقات عن شهداء الواجب في لفتة أبوية كريمة تؤكد أن قيادتنا الرشيدة وأبناء هذا الوطن يحفظون للشهداء تفانيهم وشجاعتهم وتضحياتهم النبيلة في الدفاع عن ديننا الحنيف وعن وطننا الشامخ وحماية مقدراته ومكتسباته.
رحم الله صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، وحفظ الله لنا قائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي سار على درب والده وإخوانه والذي عرفه القاصي والداني بوفائه وتفانيه في خدمة دينه ووطنه، وحفظ الله صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم.