د. جاسر الحربش
تلفت النظر الأناقة المفرطة على أولئك الفلسطينيين الغادين رائحين في عواصم العالم لتمثيل القضية الفلسطينية، أولئك الآكلون الشاربون اللابسون المترفّهون على حساب القضية الفلسطينية. لا داعي لذكر أسماء فهم معروفون لكل من يشاهد الفضائيات ومعروفون أكثر لروّاد كازينوهات بعد منتصف الليل.
ما يجب أن يلفت النظر أكثر تلك الحالة المذلّة التي يظهر بها المناضل مروان البرغوثي، وسجانوه الصهاينة يقتادونه مقيّد الساقين مصفد اليدين أشعث الرأس، لكن رافعا ً ذراعيه فاتحا ً أصابعه بعلامة النصر. الموحش لكل ضمير عربي أنّ هذا المناضل الذي أصبح مطبوعا ً في ذاكرة الحقوقيين الأنقياء في الدول الإسكندنافية وسكوتلندا وإيرلندا وكندا وجنوب أفريقيا وأمريكا الجنوبية، يكاد يكون ممسوحاً من الذاكرة العربية والإسلامية، ما عدا في المناسبات التي تذكِّرنا به لقطات الأخبار من آن لآخر.
أولئك الفلسطينيون المرفّهون المترددون على موائد المؤتمرات العالمية، كل هؤلاء يلبسون ويقتاتون ويتنفسون من نضال مروان البرغوثي ورفاقه الصامدين. بدون مروان البرغوثي ورفاقه الذين جبلوا من مثل طينته وعجينته، لن يكون للمرفّهين المتجولين على موائد العالم أي قيمة أو اعتبار، سواء منهم الذين يتحدثون باسم منظمة التحرير أو منظمة فتح.
من المؤكد أنّ أنصار الحرية والأحرار في العالم عند مشاهدة الأخبار في الأراضي المحتلة، يتذكرون فوراً مروان البرغوثي وزملاءه وزميلاته المضربين عن الطعام في السجون الإسرائيلية، ويشيحون بوجوههم احتقاراً عن أصحاب ربطات العنق المزركشة.
من المأثور عن نيلسون مانديلا قوله: لن أشعر بطعم الحرية الحقيقي في جنوب أفريقيا إلاّ بعد أن ينال الفلسطينيون حريتهم. مروان البرغوثي نذر نفسه لحق شعبه في الأرض والكرامة والاستقلال منذ كان شاباً يافعاً وهاهو مستمر لا يلين ولا ينكسر ولا يشترى. سجلُّه الكفاحي الطويل لا يقل عن سجل المناضل نيلسون مانديلا. هكذا أصبح مروان واحداً من أهم الرموز الوطنية والحقوقية على مستوى الأحرار في فلسطين والعرب والمسلمين والعالم.
قريباً، عندما يجتمع زعماء العالم الإسلامي والعربي برئيس أقوى دولة في العالم وأكثرها تأييداً لإسرائيل، أتمنى مع أحرار العالم أن تكون قضية البرغوثي وفلسطين على رأس أولويات المحادثات، فهي القفل والمفتاح لحل مشاكل الشرق الأوسط والأمن العالمي.