صدر مؤخراً من كرسي معالي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري لدراسات الإنسانية كتاب نشأة مدن الدمام والخبر والظهران وتطورها التاريخي (1352هـ - 1390هـ/ 1933م - 1970م)، تأليف أ. فوزية بنت فهد العجمي إشراف د. عبدالرحمن بن عبد الله الأحمري، وهي في الأصل رسالة ماجستير في التاريخ الحديث للباحثة من جامعة الملك سعود؛ التي رشحها الكرسي بين عدد من الرسائل المتقدمة على الكرسي ووافق على طباعتها. ذكرت الباحثة في مقدمة الكتاب: (تحتل المنطقة الشرقية المطلة على الخليج العربي حيزاً كبيراً من المملكة العربية السعودية، وتحتضن العديد من المدن والقرى القديمة أبرزها: الأحساء (الهفوف والمبرز) والقطيف بالإضافة إلى قرى صغيرة تتوزع حولها ومن ضمن تلك المدن مدن الدراسة (الدمام والخبر) اللتان كانتا عبارة عن قرى صغيرة بعد هجرة قبيلة الدواسر اليها من البحرين عام (1342هـ/ 1923م)، أما الظهران فلم تكن شيئاً مذكوراً قبيل اكتشاف النفط، بعد عام (1357هـ/ 1938م) وهو عام اكتشاف النفط في أول بئر في المنطقة بئر رقم (7) في قبة الدمام بالظهران بدأت النقلة الحضارية تحدث في المنطقة الشرقية على وجه الخصوص وفي المملكة العربية السعودية على وجه العموم، وبدأت أراضي تلك المنطقة تستقبل العديد من الوفود من خارجها لأسباب متعددة: أبرزها: الحصول على فرص العمل، وعلى حياة أفضل عن طرق الاستفادة من الخدمات الصحية والتعليمية، لقد ساهم اكتشاف النفط في ظهور مدن جديدة في المنطقة مثل: الدمام والخبر والظهران سحبت الأهمية من المدن القديمة، وشكلت بعد تطورها مدناً هامة للمنطقة وكان لشركة أرامكو دور بارز في تطويرها ودعم بلدياتها بناء على طلب من الحكومة فقامت بتخطيط المدن، وقدمت المساعدات إلى البلديات...).
وتكمن أهمية موضوع الدراسة في دراسة نشأة مدن (الدمام والخبر والظهران) وتطورها التاريخي بدأ من عام (1352هـ/ 1933م) وهو العام الذي عقد فيه الملك عبدالعزيز اتفاقية النفط مع الشركة الأمريكية (ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا)، وتنتهي بعام (1390هـ/ 1970م) حيث بداية الخطط التنموية، كذلك تكمن أهميته في الكشف عن دور شركة أرامكو والحكومة السعودية في تطوير المدن مع التطرق إلى الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمدن، حتى تتضح صورة النقلة التي أحدثها النفط في تلك الجوانب ألمحت الباحثة إلى المدن القديمة قبل النفط والحياة الاقتصادية والاجتماعية التي كانت سائدة فيها، ليتسنى للقارئ معرفة الخلفية التاريخية قبل النفط مما يساعد في فهم التغيرات الحاصلة بعد اكتشافه.
وتتمثل أهداف الدراسة في توضيح أثر اكتشاف النفط على نشأة الدمام والخبر والظهران وظهورها كمدن رئيسة في المنطقة مع إبراز دور شركة أرامكو والحكومة في تطويرها وعمارتها، وكذلك التعرف على الحياة الاقتصادية والاجتماعية لمدن الدراسة، والجدير بالذكر أن من أهم الدراسات السابقة التي تطرقت إلى جانب من الموضوع، دراسة «الأحمري عام 1428ه» بعنوان «دور شركة الزيت العربية الأمريكية أرامكو في تنمية المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية 1363هـ - 1384هـ/ 1944م -1964م»، وهي رسالة دكتوراه منشورة لعبدالرحمن بن عبدالله الأحمري، تناول الباحث في الفصل الثاني منها دور أرامكو في المواصلات والعمران وتطرق إلى المدن الجديدة بصورة غير موسعة مع تركيزه على دور شركة أرامكو، والجميل بالموضوع أن الدكتور الأحمري المشرف على رسالة الباحثة فكان خير مشرف للرسالة. تنوعت مصادر الدراسة التي اعتمدت فيها الباحثة على التقارير السنوية التي ترفعها شركة أرامكو إلى الحكومة، وعلى محفوظات إمارة وأمانة المنطقة الشرقية من وثائق وخرائط وجداول ترصد مساحات المدن خلال سنوات الدراسة بالإضافة إلى مجلة القافلة الأسبوعية والشهرية التي تصدرها أرامكو وتنشر من خلالها معلومات تهم الدراسة، وكذلك صحيفة أخبار الظهران التي صدرت في المنطقة أثناء فترة الدراسة، وصحيفة أم القرى وصحيفة اليوم بالإضافة إلى المراجع العربية والإنجليزية سواء التاريخية أو الجغرافية أو العمرانية أو الاقتصادية أو الاجتماعية ومن هذا مما يُحث عليه طلاب الدراسات العليا وهو الانفتاح على العلوم الأخرى. الدراسة مقسمه إلى تمهيد وثلاثة فصول:- تناول التمهيد لمحة جغرافية عن المنطقة الشرقية ثم انتقلت الباحثة إلى التطور السياسي والإداري لمنطقة الدراسة، ثم لمحة تاريخية عن اكتشاف النفط في المنطقة الشرقية يلي ذلك الفصل الأول تم فيه عرض مدن المنطقة الشرقية قبل اكتشاف النفط؛ حتى يتسنى للقارئ معرفة التغيرات التي حدثت في المنطقة عقد اكتشاف النفط، وتم تخصيص الفصل الثاني لنشأة مدن الدمام والخبر والظهران، وفي الفصل الثالث تناول الحياة الاقتصادية والاجتماعية في مدن الدراسة، ثم ختم الكتاب بخاتمه أوجزت فيها الباحثة أهم نتائج الدراسة التي اعتمدت فيها على المنهج العلمي في الدراسة التاريخية القائم على المنهجين الوصفي والتحليلي.
وأخيراً هذا عرض موجز للكتاب وأهميته وعرض محتوى فصوله ومصادره، الذي كما ذكرنا هو بحث مقدم لاستكمال درجة الماجستير، وحصل ولله الحمد على ترشيح كرسي معالي الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري للدراسات الإنسانية والموافقة على طباعتها ونشرها، ومن وجهة نظري أن هذا البحث يتجلى ويتضح فيه قدرة الباحثة والمشرف على البحث الأكاديمي؛ وذلك من خلال جهدهما في البحث وسعة الاطلاع وقوة المصادر والمراجع باللغتين العربية والإنجليزية التي تم الرجوع لها، أو من خلال عرض الموضوع بطريقة جيدة للقارئ العام قبل القارئ الأكاديمي، وشهادتي مجروحة في هذا العمل حيث إن الباحثة تربطني بها علاقة أخوة وصداقة منذ التحاقي بالماجستير، ومشرف البحث د. عبدالرحمن الأحمري هو المشرف على رسالتي للماجستير التي أنا في صدى إعدادها إن شاء الله، لكن الحق يقال إن الكتاب يعد أضافة جديدة للتاريخ السعودي بشكل عام وتاريخ المنطقة الشرقية بشكل خاص، وأنصح كل مهتم بتاريخ الوطن السعودي اقتنائه، ووفق الله العاملين المخلصين لهذا الوطن العزيز من الباحثين والباحثات.