رقية سليمان الهويريني
لو كان هناك تجريم دولي للسلوك الشخصي ذي الأثر الاجتماعي السيئ لطالبت بتجريم النميمة، فليس أشد منها آفة تقضي على الفضيلة! وغالباً نفس النمام خبيثة، وطباعه دنيئة، ونشأته سيئة وتربيته فاسدة، وقد يكون مدفوعاً من جهات مشبوهة لا يمكن أن تصل إلى هدفها إلا بالنمامة والوقيعة بين الناس، والسعاية بينهم بالإفساد تلميحاً أو تصريحاً.
ويُظهر النمام الحبَّ والتقربَ للشخص المنقول له الكلام البذيء عن الشخص الغائب، ويبدي إخلاصه في نقل المعلومة الخاطئة، مع مشاعر الإشفاق والألم! وبعدها يقع المكروه وتحدث القطيعة إن لم يترتب عليها انتقام أو جريمة!
وبانتشار وإشاعة النميمة في المجتمع، والتهاون معها تصبح مستساغة؛ طالما كانت سبيلاً للوصول للهدف والقضاء على الخصوم! وأسوأ أنواعها تلك التي تحدث في العمل أو بين الأزواج، وأشدها حين يسعى بها المرء لدى الحكام، وهنا تُدعى سِعَاية أو وشاية، وخطورتها أنها قد تنتهي بأمور غير محمودة. كما أنها سبب في تقطُّع العلاقات الأسرية والعائلية، لدرجة أنها تُعَد أحد أنواع السِّحر؛ كونها تساهم بالتفريق بين الناس، وتوقد الفتن وتذكي الشرور وتُفشي الأسرار، وتسيء الظنون وتفسد النفوس وتورث الضغائن وتحوّل قلوب المتحابين، وتقرِّح الأكباد، وتدمي القلوب وتجدد العداوة، وتهيج الأحقاد، وتفرق الجماعات، وتسلب العزة من العزيز، وتجرد المكانة من صاحبها وتسبب فقد الثقة بين الناس.
والنميمة داء اجتماعي مصدره نفوس متوحشة، تفترس الفضيلة فيصبح المرء مرتاباً غير مطمئن لباقي أفراد المجتمع. والمؤسف عدم قيام أفراد المجتمع بواجبهم نحو النمام بتكذيبه، وزجره، ورفض سلوكه، وتجريم عمله، ولكن الواقع استحسان عمله وتشجيعه، وتناقل حديثه المفترى والإضافة عليه! ولا تقتصر النميمة على اللسان بل تصل للكتابة عبر قنوات التواصل الاجتماعي أو بالرمز أو الإيماء!
ولا راحة واستقرار لمجتمع تعبث بهم النميمة وأفراده مرتابون من بعضهم خشية الوشاية أو الإيقاع بهم!!