جاسر عبدالعزيز الجاسر
بعد أقل من أسبوع ستشهد الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، عقد ثلاث قمم مهمة جداً في الواحد والعشرين من شهر مايو الحالي، الخامس والعشرين من شهر شعبان، فبعد أن فضل الرئيس الأمريكي ترامب أن تكون المملكة العربية السعودية الدولة الأولى التي يبدأ بها زياراته للعالم، في خطوة يراها المتابعون للعلاقات الدولية بأنها تتوافق مع فكر الرئيس الأمريكي الذي يريد أن يكون استثنائياً من بين كل الرؤساء الذين حكموا أمريكا. فالرجل الذي يبحث عن مصلحة أمريكا، لديه أمريكا أولاً، وأنه يعي التزامات واشنطن بأمن وسلام واستقرار العالم، إذ كلما تحقق الأمن والاستقرار وعم السلام الكرة الأرضية ازدهرت الأوضاع ونمت الدول وتسارعت المصالح محققة ما تصبو إليه الأمم التي ملَّت الحروب وكثرة الأزمات.
يقولون عن ترامب بأنه رجل دولة ورئيس يحكم بعقلية تاجر، أو أنه سياسي بعقلية اقتصادي، ومستثمر يقنص الفرص ليزيد أرباحه، وهنا هو يقنص الفرص لتعزيز مصالح أمريكا.
هذا إذا كان صحيحاً فهو إيجابي وجيد، فالذي يبحث عن تعزيز مصالح بلاده، وألا يكون أسير ضغوط وإملاءات «للوبيات» أو منفذ لأصحاب معتقدات أصولية يسعون لتنفيس عقدهم، هو ما يجعل الولايات المتحدة الأمريكية، منصفة مع شعبها الذين ملوا من دفع الضرائب لتمويل ظلم كيانات ودول محسوبة على أمريكا، تخصم من رصيدها الأخلاقي؛ لأنها تستعمل الأموال الأمريكية والدعم السياسي لمواصلة الاحتلال وقتل البشر.
وهكذا، فتوجه الرئيس ترامب يجده دارسو العلوم السياسية وأساتذة العلاقات الدولية بداية جديدة تكشف عن توجه أمريكي لإصلاح خلل التعامل الأمريكي، واختيار المملكة كأول محطة للإسهام الأمريكي في إصلاح المجتمع الدولي دلالة وإثارة يجب الوقوف كثيراً عنها وتحليلها دون أن نسرح كثيراً بأن نزيد ولا ننقص من أهميتها، فإذا حسبناها جولة استثنائية فيجب الإقرار بأن من اتخذ قرار رسم تحركه وفق خريطة تعيد للذاكرة أهمية وقيمة مركز التوحيد والأديان الثلاثة فاختيار ترامب للمملكة العربية السعودية ديار المسلمين المقدسة والأرض التي انطلقت منها الرسالة الإسلامية ونزول الوحي الرباني على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وكبداية لرحلته الدولية لا تخلو من دلالة وعنوان سياسي لهذه الجولة التي ستتيح للرئيس الأمريكي في أولى محطاته لقاء ستة وخمسين ملكاً وأميراً ورئيس دولة إسلامية، هم قادة الأمة الإسلامية التي يشكل أبناؤها معتنقو هذه الديانة قرابة ربع سكان البشرية.
ثم أن يتبع تلك المحطة بزيارة إلى الأراضي المقدسة التي انبثقت منها الديانة المسيحية والتي لجأ لها النبي موسى عليه السلام ليبشر باليهودية فذلك تعزيزٌ من قبل ترامب للقيم الدينية والأخلاقية، وتأكيد على أهمية تحقيق العدل والإنصاف بألا يستمر سلب حقوق شعب هم ورثة أجدادهم من مسلمين ومسيحيين ويهود والذين يعدون شركاء في وطن وأرض يجب ألا يحتكرها محتل ويستمر في عزل الآخر.
وسواء زار ترامب هذه الأرض وهي تحمل اسم دولة إسرائيل، أو فلسطين فإنه لابد وأن يتذكر ويذكر بأن هذه الأرض المقدسة التي أنجبت أنبياء ومنهم عيسى سلام الله عليه، واحتضنت آخر وهو النبي موسى عليه السلام لا يمكن أن تكون عنوانا لظلم الإنسان لأخيه الإنسان مهما اختلفت الديانات.
وفي المحطة الثالثة، محطة الفاتيكان فهي تأكيد على احترام الرئيس الأمريكي للقيم المسيحية التي من أساسياتها السلام ونشر المحبة وإنهاء الظلم.
تلك محطات مهمة لتعزيز روحانية ووحدة الإيمان تظهر العديد من الإشارات التي يريد ترامب إيصالها للعالم والبداية ستكون من الرياض.