سعد بن عبدالقادر القويعي
مع اقتراب ذكرى مرور عشر سنوات على استيلائها على قطاع غزة، وفي الثاني من مايو «آذار» 2017، أعلنت حركة حماس عن وثيقتها الجديدة، التي تعدّل فيها على نهج التأسيس، وكان من أبرز تعديلات الميثاق، حذف عشرة بنود مهمة في تاريخ حماس السياسي، كان أهمها: حذف البند الذي تحدث عن الكفاح المسلح كوسيلة لتحرير فلسطين، والبند الذي اعتبر حملة السلاح هم نواة الجيش الشعبي لتحرير فلسطين، والبندين اللذين يعرفان الحركة الصهيونية على أنها حركة استعمارية استيطانية غير شرعية، - إضافة - إلى حذف البند الذي يقر بمواطنة اليهود الذين عاشوا في فلسطين قبل الغزو - فقط -، - وأخيرا - حذف البند الذي يعتبر وعد بلفور، وصك الانتداب، وما بني عليهما باطلا.
مع المراجعات الذاتية المتأخرة، والتي تزيد على ثلاثين عاما، يريد قادة حماس استخدام الوسائل المشروعة، وبرنامجا مقبولا من المجتمع الدولي؛ لتعكس عن رغبة الحركة في التكيف مع المستجدات الدولية، وتحريك مفاوضات السلام، في ظل طموح الإدارة الأميركية الجديدة؛ لفتح ملف السلام في الشرق الأوسط، وذلك بعد أن أعلنت عن فك ارتباطها بجماعة الإخوان المسلمين؛ حتى عادوا إلى المربع الأول اختيارا، أو اضطرارا؛ ولتنتظر الفرج ممن وضعها على قائمة الإرهاب. وهذا ما سيجعل من خطوة حماس - الأخيرة -، كما يقول - الدكتور - سالم حميد، هو إعادة تموضع في المشهد لا أكثر، وبحثاً محموماً عن وسيلة لضمان المشاركة في السلطة مستقبلاً، بمشروعية تتلافى الحاجة للانقسام، وفصل غزة عن الضفة - كما هو حاصل الآن -.
حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، هي أحد أفرع الإخوان المسلمين في العالم؛ ولأن سياقات ولادة هذه الخطوة لم تكن طارئة، بل كانت نتاج تجاوزاتها لميثاقها التأسيسي مراراً - عملياً ونظرياً -، فإن واقع الحال يؤكد بأن حماس لا تضيف جديداً جوهرياً بوثيقتها - الأخيرة -؛ كونها معطيات مستنقعة، باتت تخنق القضية الوطنية الفلسطينية، وهو خروج بمنهجها من حيز الآيديولوجيا، وجمودها إلى حيز السياسة، ومرونتها. - وبذلك - تسعى الحركة إلى وضع نفسها على مسار التكيّف مع التغيّرات الإقليميّة، والدوليّة. وخطوة كهذه - في تقديري - هي نوع من المناورة السياسية - في نهاية المطاف -، تتجه بوصلتها في اتجاه الهوية السياسية، والإنسانية، والخيار الديمقراطي؛ وليكون امتدادا مفصليا لافتا في تاريخ حركات التحرر الفلسطينية.