فضل بن سعد البوعينين
لا خلاف على أهمية مشروع «المسورة» لأهالي العوامية؛ وللمنطقة بشكل عام. ففي الوقت الذي تنمو فيه محافظة القطيف ومراكزها؛ عانت بلدة العوامية من قصور التنمية لأسباب مرتبطة بفئة قليلة رافضة للتطوير الذي يعتبرونه من مهددات بقائهم وسيطرتهم على البلدة؛ وهو أمر يختلف بالكلية عمّا يراه أغلبية أهالي العوامية الذين يعانون من أمرين رئيسين: قصور التنمية؛ وانتشار الجرائم ومنها جريمة تجارة المخدرات التي باتت تهدد سلامة الأجيال الناشئة في البلدة وما حولها.
مشروع تطوير مركز العوامية المهمل؛ هو جزء من مشروعات أمانة المنطقة الشرقية التي أخذت على عاتقها تحسين البيئة وتطوير مرافقها ورفع مستوى المعيشة في الأحياء القديمة وتحويلها إلى مراكز نموذجية جاذبة للسكان. شددت أمانة الشرقية على أهمية تنفيذ عمليات تطويرية كبرى داخل حي المسورة، بعد نزع الملكيات، ودفع الدولة مبالغ مالية، كقيم تعويضية، ستعود بالنفع على السكان الأصليين؛ ومن المؤسف أن تضطر الأمانة لتنفيذ مشروعها الحيوي تحت حماية رجال الأمن الذين واجهوا الإرهابيين بحزم وقوة لتمكين شركة التطوير من أداء عملها؛ وردع الإرهابيين عن تنفيذ مخططاتهم.
تعاملت قوات الأمن؛ لسنوات طويلة؛ مع الخارجين على القانون من أهالي العوامية بحكمة وأناة لضمان سلامة السكان؛ وعدم التأثير السلبي على مشروعات التطوير المهمة للجميع؛ غير أن الحكمة قد لا تجدي نفعًا مع العملاء ذوي الأجندات الخارجية؛ ما يستوجب التعامل معهم بالحزم والقوة الرادعة؛ وهو ما أقدمت عليه قوات الأمن التي جعلت من أولوياتها أمن وسلامة سكان العوامية وحمايتهم من استهداف الإرهابيين برغم المخاطر.
صور جميلة ومعبرة لأفراد قوات الطوارئ في تعاملهم الإنساني مع سكان العوامية وتوفير الأمن الشامل لهم؛ وحمايتهم من وابل الرصاص العشوائي؛ والإصرار على إخراجهم بسلام.
وفي المقابل كانت هناك تصريحات مؤيدية لرجال الأمن ولمشروع تطوير «المسورة» صدرت من أهالي العوامية أنفسهم ضمن جهودهم في تعزيز الأمن ودعم مشروعات التنمية الهادفة للرفع من مستوى المعيشة في الأحياء القديمة في البلدة.
لم يعد ملف «المسورة» مرتبطًا بالتنمية فحسب؛ بل أصبح ملفًا أمنيًا بعد أن استهدف الإرهابيون شركة التطوير وسكان الحي؛ ورجال الأمن وتسببوا في استشهاد طفل ومقيم وإصابة عشرة أشخاص. عندما تسبب مجموعة من المراهقين بالفوضى وسط «لندن» اضطرت الحكومة لاستدعاء الجيش من أجل ردع المشاغبين وترسيخ الأمن وتفعيل النظام. الأمر عينه حدث في الولايات المتحدة الأمريكية التي تعاملت قوات الطوارئ فيها بعنف غير مسبوق مع المدنيين الذين ارتكبوا بعض الأعمال المنافية للأمن والقانون.
أمن الوطن خط أحمر لا يمكن التهاون به؛ وما حدث في العوامية من مجموعة الإرهابيين يجب أن يواجه بكل حزم وقوة؛ بعيدًا عن أي حسابات جانبية قد تتسبب في إعطاء الإرهابيين فسحة لتنفيذ بعض مخططاتهم الإجرامية. عمق الإرهابيين الخارجي يمكن ملاحظته في الحشد الإعلامي المتزامن مع عمليات قوات الطوارئ التي استهدفت حماية سكان العوامية العزل من نيران الإرهابيين. تشويه صورة قوات الطوارئ كان هدفًا واضحًا للحملات الخارجية التي ركزت على المنظمات الحقوقية والإعلام المؤثر الذي لم يكلف نفسه التأكَّد من صحة ادعاءاتهم الكاذبة. يبدو أننا في أمس الحاجة لحملات إعلامية مضادة يكون فيها المتضررين من أهالي العوامية المحور الرئيس؛ وكلمة الحق في مواجهة الباطل الصفوي وعملاء الداخل. تضحيات رجال الأمن وجهودهم المتميزه في حماية المواطنين في العوامية يجب أن تبرز في إطارها الصحيح. نحن في أمس الحاجة إلى منظومة إعلامية متكاملة قادرة على مواجهة الإعلام الصفوي القائم على الكذب والتزوير في الخارج؛ وعملاء الداخل الذين يغذون الخارج بالأخبار الكاذبة؛ والمشاهد المجتزأة؛ والتصريحات المؤذية. فالحرب الإعلامية لا تقل أهمية عن الحرب الموجهة ضد الإرهاب الصفوي في الداخل، وهو ما يستدعي الارتقاء بمخرجات إعلامنا وبرامجه المتخصصة للاحترافية والكفاءة المؤثرة القادرة على هزيمة منظومة الدعاية الصفوية في الخارج.