اقترب شهر رمضان المبارك بلّغنا الله وإياكم إياه لا فاقدين ولا مفقودين، وأعاننا على صيامه وقيامه وأتمه لنا بخير وعافية.
ومع اقتراب هذا الشهر الفضيل تبدأ المنافسات الإعلامية بين قنواتنا العربية، كلٌ يحاول استقطاب أكبر عدد ممكن من المشاهدين، بإعلانات جذابة لبرامجه ومسلسلاته.
ونبدأ نحن في متابعة هذه الإعلانات بحماس محاولين تحديد ما سنشاهده على هذه القنوات وأيُّها سيفوز بنصيب الأسد من المتابعات.
وفي أغلب ظني مما ألاحظه على مر السنوات الماضية، أنّ قناة بعينها غالباً هي التي يعتبرها المشاهد العربي أساس مسلسلات رمضان وأكثرها متابعة.
فتبدأ حملات الدعاية ضدها، وهذا ما انتشر في هذه الأيام فقد سلطوا الضوء عليها من خلال قناة الأطفال خاصتها، وانتشر «برودكاست» يطالبك أيها الغيور على الدين الإسلامي بمقاطعة قناة الأطفال هذه، ومقاطعة كل قنواتها الأخرى من باب غيرتك على الإسلام، حيث إنهم نشروا مقطعاً من مسلسل أطفال وأحد الشخصيات تطلب من الشخصية الأخرى أن تقول «أنا مش مزنب» وألحقوا به كلاماً مفاده يا من تغار على الإسلام وتحب رسوله انشر هذا المقطع فهذه القناة تعلم أطفالنا الكفر علناً، ويقولوا بصوت عالٍ «أنا مش مسلم» .... إلخ.
بعد هذه المقدمة وعندما تسمع أنت هذا المقطع، يبدأ عقلك تلقائياً ببرمجة نفسه على محتوى الرسالة فتسمع الكلمة «مزنب» بمعنى مذنب باللهجة المصرية على أنها «مسلم»، فتشتعل حمية المسلم في داخلك، وتبدأ في الاستنكار والشجب على هذا الفعل المشين وكيف صدر من قناة عربية ومالكها مسلم!!
ولو أعملت عقلكَ قليلاً وفكرت وما دور عبارة «أنا مش مسلم» في سياق الحديث؟ لاكتشفت أن لا دور لها وأنّ هناك خطأ وأعدت التركيز في الكلمة وفهمت مدلولها وما هي.
هذه إحدى وسائل المنافسة الإعلامية بين القنوات؛ لما لوسائل التواصل الاجتماعي الآن من كبير الأثر في نقل المعلومة، والتأثير على الرأي العام ونشر ما يرسل صحيحاً كان أم خاطئاً للأسف!!
لذا علينا نحن المتلقون أن نستخدم عقولنا ولا نهمشها ونكتفي بمجرد التلقي والإرسال، لنصبح أداةً للنشر دون الفهم أو الاستيعاب!! يهمش الآخر أياً كان قيمتنا كبشر وكمشاهدين، حين يوظفوننا لمصالحهم الإعلامية، ونحن مثل الدمى يحركوننا كما يريدون.
وبعيداً عن هذا التنافس الإعلامي لنسلط الضوء على أنفسنا نحن المشاهدين في رمضان، ولن أتشدق بكلامٍ مثالي أكثر من اللازم، وأقول رمضان شهر العبادة وفرغ نفسك طول هذا الشهر للعبادة والصلاة والقيام وقراءة القرآن واهجر ملهيات الحياة ...
ولكن سأتحدث إلى نفسٍ بشرية سوية لا تدّعي المثالية أكثر من اللازم وأقول «رمضان شهر الخير والغفران، فلنغتنم فرصته ونجعله بداية لتغيير جديد، تغيير حقيقي وليس وقتي، نستفيد منه في تنظيم أوقاتنا ووجباتنا وعباداتنا وفي ذات الوقت لا ننسى الترويح عن النفس».
فقد قيل في الأثر (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً).