د. أحمد الفراج
هذه الأيام، يتوالى شهيق وزفير وصراخ بعض القومجية والحزبيين العرب، كردة فعل على زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للمملكة، ومنهم من تشعر بشفقة عليه، وتدعو الله أن لا تصيبه نوبة قلبية جراء الحماس ضد هذه الزيارة، مثل عبد الباري عطوان، الذي يكره المملكة بشكل غير عقلاني، ويبدو أن زيارة ترمب المرتقبة أخرجته عن طوره تماماً، حتى بدا يهذي مؤخراً، وكأنه في حفلة زار، تنتفخ أوداجه، وتكاد أن تخرج روحه، وأصدقكم القول إنني في منتهى الحبور، عندما أشاهده هذه الأيام، إذ لا يمكن أن تغيب عن ذاكرتي توقعاته السياسية الحلمنتيشية قبل عدة سنوات، عندما تنبأ «تشومسكي العرب» بأنّ دول الخليج ستصبح مشيخات تابعة لطهران!، وجاء تنبؤ هذا الداهية، قياساً على سياسات الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، الذي تحالف مع تنظيمات الإسلام السياسي ومع طهران تحديداً، على حساب علاقات أمريكا التاريخية بالمملكة، ولم يدرك هذا المحلل السياسي الجهبذ أن المملكة - عندما تحين ساعة الحقيقة - هي رمانة الميزان في سياسات أمريكا في الشرق الأوسط.
عطوان يمثل جيلاً قومجياً فقد البوصلة، بعد أن توالت عليه النكسات، فكل زملائه، من قومجيين وحزبيين، على هذا النهج، ولا أدري كيف تصبح عروبياً قومجياً، وفي ذات الوقت تتحالف مع العدو التاريخي للعرق العربي، وتتحالف مع من يقتل أحفاد معاوية في الشام، وهذا ما يؤكد الخلل الجسيم في هذه الأيدولوجية، التي تكره عقدياً كل ما له علاقة بالخليج، أو الأعراب، كما كانوا يرفعون عقيرتهم مع شاعر العرب الكبير نزار قباني، فحسب هؤلاء العباقرة فإنّ مصائب العالم العربي سببها الخليج، والتأخر في حل قضية فلسطين سببه الخليج، والجماعات المتطرفة جاءت بسبب الخليج، ووالله لو عثرت شاة على شط دجلة لقالوا إنه بسبب أعراب الخليج، وهم حلفاء لكل من يعادي الخليج، أياً كان لونه أو جنسه أو دينه، فأيدولوجيتهم الموبوءة تقتضي عداء الخليج، ولا ننسى ما يتبع ذلك من حزم الدولار واليورو والأصفر الرنان.
زيارة ترمب للمملكة، والتي سيسجلها التاريخ، لأنها المرة الأولى، التي تكون الزيارة الخارجية الأولى لرئيس أمريكي لبلد عربي مسلم، يفترض أن تسعد أي عربي ومسلم، ولكن قومجية العرب والحزبيين، الذين تميل أشرعتهم نحو طهران حالياً، يشعرون بألم شديد، فقد كانوا يتوقعون، ويأملون بأن تفوز شريكة باراك أوباما، هيلاري كلينتون، برئاسة الإمبراطورية الأمريكية، وعندما فاز ترمب لم يفقدوا الأمل، وتوقعوا أن يستمر الفتور في العلاقات بين أمريكا والمملكة، ولم يتوقعوا في أسوأ كوابيسهم أن يحدث العكس، وتعود العلاقات إلى أفضل مما كانت قبل عهد أوباما، وبالتالي أصابهم خبر زيارة ترمب للمملكة بمقتل، بسبب حقدهم العميق على الخليج وأهله، وبسبب الأصفر الرنان الذي يعتاشون منه في فنادق أوروبا، التي يشتمونها ليل نهار، ويصمونها بالإمبريالية!، وأعترف، مرة ثانية، بأنني أشعر بسعادة بالغة، وأنا أشاهد عطوان ورفاقه على هذه الحال، وأتمنى أن نحتفي بالرئيس ترمب على كل مستوى، لأنني أرغب في مشاهدة المزيد من هلوسات القومجية، الذين يكرهون الخليج، وهذا بحد ذاته ترفيه لا يقاوم!.