م. خالد إبراهيم الحجي
إن قرار الرئيس الأمريكي ترامب القيام بجولة زيارات دولية دبلوماسية تشمل بعض الدول الأوروبية ودول الشرق الأوسط، واختياره المملكة لتكون محطته الأولى عقب توليه الرئاسة مباشرة، نابعٌ من إدراكه القوي بدور المملكة التي أصبحت تتمركز في العالم كقوة اقتصادية وسياسية وإسلامية رائدة وفعالة، ومؤثرة في أسواق النفط العالمية، وبسبب ثقلها العربي وسياستها الإقليمية المتزنة، ومكانتها الإسلامية بين دول العالم، ودورها في محاربة الإرهاب. كما أن اختيار الرئيس ترامب للمملكة كأول محطة له في جولته الدولية ينسجم ويتسق مع سياسته الجديدة التي أعلنها خلال حملته الانتخابية، وأكَّدها بعد تنصيبه رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية بالاقتصار على الاتفاقيات الثنائية لحماية المصالح الأمريكية، والانسحاب المنظم من التحالفات الدولية متعددة الأطراف مثل: الانسحاب من اتفاقية باريس للتغيرات المناخية المكونة من 140 دولة، والانسحاب من حلف الباسيفك التجاري المكون من 11 دولة؛ لذلك وجد الرئيس ترامب في العلاقة السعودية الأمريكية القوية، وموقع المملكة الجغرافي الاستراتيجي، ومصداقيتها في إقليم الشرق الأوسط وعلى الساحة الدولية السمات المثالية التي تجعلها الحليف الإستراتيجي المؤثر الفعال، والقادر على الدخول في شراكات ثنائية نافعة وطويلة الأمد.. فرحب خادم الحرمين الشريفين بزيارة الرئيس الأمريكي لتأكيد أواصر العلاقة التاريخية بين الدولتين. وبهذه المناسبة اغتنم خادم الحرمين الشريفين هذه القمة لتعم الفائدة على الوطن العربي والمسلمين؛ فوجه دعوته لاستضافة قادة دول الخليج العربي وبعض رؤساء الدول العربية والإسلامية في الرياض؛ لأن قضايا الشرق الأوسط استغرقت زمنًا طويلاً دون إيجاد حلول ناجعة لها، فسبقت المملكة بهذا القمة التاريخية غير المسبوقة كل التنبؤات على الساحة الدولية لتسليط الضوء على القضايا العالقة والشائكة والمعقدة المستعصية التالية:
أولاً: قضية العرب الرئيسة القضية الفلسطينية؛ وعدم الإقدام على نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى مدينة القدس؛ لأن نقلها يعد اعترافًا بتهويد القدس وحجر عثرة لمشروع حل الدولتين.
ثانيًا: قضايا دول الربيع العربي التي حولت الخلافات السياسية فيها إلى صراعات دامية بين أحزاب كل دولة.
ثالثًا: وضع حد لتدخل إيران السافر في شؤون بعض الدول العربية المجاورة لها أو القريبة منها مثل البحرين ولبنان وسوريا والعراق واليمن.
رابعًا: توضيح الغموض الذي يشوب السياسة الأمريكية في سوريا والعراق، وتزايد دعم إيران للإرهاب وممارسته بأشكاله المختلفة مثل التفخيخ والتفجيرات والهجمات الإلكترونية، خصوصًا بعد توقيع الاتفاقية الإيرانية الأمريكية بشأن برنامجها النووي؛ وكأن الاتفاقية أعطتها الضوء الأخضر لإثارة الاضطرابات والقلاقل في المنطقة؛ لذا فإن سياسة الولايات المتحدة المعلنة لمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله المختلفة وانضمامها إلى «مركز التحالف العسكري لمحاربة الإرهاب» الذي أعلن عن تأسيسه ولي ولي العهد في ديسمبر عام 2015 م، سيحقق إضافات قيمة جدًا في جميع المجالات اللازمة لمحاربة الإرهاب، ويحوله إلى «مركز عالمي لمحاربة الإرهاب».. وحضور رؤساء الدول العربية والإسلامية لهذه القمة السعودية الأمريكية في الرياض مع المؤشرات الأولية من مواقف رئيس أقوى دولة في العالم وردود أفعاله ستكون بارقة الأمل في نفوس الشعوب العربية والإسلامية المترقبة لنتائج هذه اللقاء التاريخي.