عماد المديفر
المتابع للشارع السعودي يرصد بوضوح ذلك الواقع الذي يقول: إن الشعب السعودي والخليجي بمجمله وخاصة فئة الشباب منهم سعيد جداً ومتفائل بمقدمكم الميمون فخامة الرئيس، هذا المقدم العزيز على قلوبنا جميعاً.. والذي يحمل في طياته معرفة وتثميناً حقيقياً من قبلكم لحليف الولايات المتحدة الأمريكية التاريخي الأسبق والأقدم والأول والأصدق في المنطقة.. المملكة العربية السعودية، تماماً كما يحمل رغبة حقيقية في الفعل والعمل الجاد بعيداً عن الزيارات البروتوكولية ضعيفة الجدوى.. والتي لا يؤمن بها القادة العمليون أمثالكم فخامة الرئيس.. تلك الفئة القادمة من بيئة النجاحات والإنجازات في الميدان كما هو تاريخكم المليء بقصص العمل الدؤوب والإنجاز وتحقيق الأهداف على أرض الواقع ووفق جدول زمني محدد.
لا يخفى عليكم فخامة الرئيس أن سمعة الولايات المتحدة ومستوى الثقة بها وبساستها وصلت لأدنى درجاتها في الفترة السابقة، ليس عند أبناء المملكة ودوّل مجلس التعاون الخليجي فحسب، بل في العالمين العربي والإسلامي.. بعد سنين من الغموض والتشكك.. وصلت إلى أدنى القاع فترة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.. والتي نشارككم ذات الرؤية تجاهها.. تماماً كما نشارككم ذات الرؤية وذات المنهج لحل مشاكل المنطقة والعالم، وعلى رأسها الإرهاب.
لقد أعدتم لأذهاننا فخامة الرئيس ذاك اللقاء العظيم الذي لم يغب يوماً عن بالنا.. حين اجتمع فخامة الرئيس فرانكلين روزفلت مع جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود مؤسس الدولة السعودية الثالثة (الحديثة) عام 1945.. والذي كان لقاءً مفصلياً تغير على إثره -وفِي يالطا حيث توجه الرئيس روزفلت بعد ذلك- وجه العالم.. مؤذناً بنهاية الحرب العالمية الثانية وتأسيس الأمم المتحدة.. وزيارتكم اليوم للمملكة تنبئ بمرحلة عالمية جديدة.. ونحن عونكم وسندكم في كل ما فيه خير البشرية والعالم أجمع.
أجل؛ نحن فرحون جداً، بل ونشعر بالفخر والاعتزاز أن وضعتم قبلة المسلمين ومهد العرب في المكانة التي تستحقها، فكانت قبلتكم الأولى ووجهتكم الأولى في زياراتكم الرسمية الأولى كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية.. ليسجلها التاريخ.. كحدث مختلف ومميز عن نمط الرؤساء الكرام السابقين.. دل على تميزكم ورؤيتكم الثاقبة والعملية.. وأخرست تلك الأفواه التي تحاول أن تسيء لإجراءاتكم الحكيمة والمحقة التي سبق وأصدرتموها تجاه الحفاظ على أمن الولايات المتحدة الأمريكية عبر ادعاء أنها تسيء للإسلام والمسلمين.. فيما الواقع أن من تسبب في الإساءة للإسلام والمسلمين هي تلك الإدارة التي عليها ما عليها من وزر الفوضى والتخبط والضعف والتساهل مع أرباب الإرهاب العالمي نظام الولي الفقيه في طهران وتنظيم الإخوان المسلمين؛ اللذان يسعيان جاهدين لبث روح الكراهية والفتنة ونشر الإرهاب فولّدا القاعدة وداعش وحزب الله والحوثيين وغيرهم.. لقد وضعت تلك الإدارة يدها بيدهم بداعي «الاحتواء والتحكم بالقلوب والعقول» فخسرت قلوبنا وعقولنا.. إذ هي تعلم تماماً ما يقوم به هذان الفريقان من نشر للفتنة والكراهية والفوضى والإرهاب.. مما تسبب في بث روح التشكك والريبة لدى شعوب العالمين العربي والإسلامي من الولايات المتحدة وأهدافها تلك المرحلة.. والتي وحتى اليوم لا نعلم مبررها الحقيقي.
أما اليوم.. فقد نجحتم لحدٍ كبير فخامة الرئيس في إعادة الثقة وإزالة أثر تلك الحقبة السوداء، والتي بقينا خلالها رغم كل ذلك حلفاء صادقين للولايات المتحدة كما كنّا وكما سنكون، فهذه عادتنا وهذه أخلاقنا.
لطالما كانت الولايات المتحدة أرض الأحلام فعلاً عند جيل والدي.. وينُظر لها بكثير من المحبة والاحترام.. وللشعب الأمريكي بكل التقدير.. والدي المخرج المسرحي ومعلم اللغة الإنجليزية والذي هو بجيلكم فخامة الرئيس.. وكذلك لدى أبناء جيلي ممن لم يتلوث بآيدلوجيا ما تسمى بـ»الصحوة الإسلامية» والتي بثت الكراهية ونشرت التطرف.. لقد كانت عملياً فترة الدعوة لفكر الإخوان المسلمين المتمثل بعرابيه «البنا وقطب والمودودي» والذي نجم عنه ما ترى من تنظيمات إرهابية.. سنية وشيعية.. وعلى رأسها نظام ولاية الفقيه في طهران أو ما يطلق عليه «الثورة الإسلامية».. هذه التنظيمات والجماعات التي تتغذى على الكراهية والتطرف و الإرهاب.. يعاني منها ليس العرب والمسلمون فحسب، بل العالم برمته. وقد كنّا أول من رفع راية حربها لعلمنا الحقيقي بخطورتها واكتوائنا بنارها.
مازلت أذكر أول زيارة لي للولايات المتحدة العظيمة.. وجمال شعبها وقيمهم وأخلاقهم التي نتشارك معهم فيها.. ونتفق في الجذور الخيّرة .. لم يكن إذن مستغرباً أبداً تلك الانطباعات الإيجابية جداً والمرحبة بمقدمكم الميمون.. وبتصريحكم الحكيم الذي دعا لاحترام عادات وأديان شعوب المنطقة وعدم فرض أسلوب حياة لا يتوافق وقيمها ودينها.. واليوم تريد شعوب المنطقة عملاً حقيقاً في وأد الإرهاب من جذوره.. هذا الإرهاب الذي أساء واستهدف الإسلام والمسلمين قبل أي أحد.. لذا؛ فنحن معكم فخامة الرئيس كخليجيين وعرب ومسلمين.. نشدد على يدكم.. ونعلم أنه ستعلو أصوات يغيضها اتحادنا معاً ضد التطرف والإرهاب.. تماماً كما نعلم أن زيادة «صياحهم» يعني نجاحنا في اختيار الطريق الصحيح لدحر الإرهاب.. فسر ونحن معك.. وعين الله ترعانا.
إلى اللقاء،،،