من هذه الشرفة الواسعة أطل على مشهد الشارع فيتسع قلبي لاستقبال الحياة، مجرد شرفة مفتوحة على الفضاء تمنح رئتي مزيدا من التجليات الشاهقة التي ترى السماء وهي تضحك للنهار ضحكة أمومية صافية تشع منها الشمس بألوانها النقية.
تذكرت كلمات تلك الأغاني التي تنضح بالطبيعة التي غناها وديع الصافي وفيروز. إنما نحن جزء من هذه الطبيعة التي تنبت في قصائد الشعر وتزهر في الكون وتنشر عطرها في كل مكان يليق بتشكلها في الوجدان والعين والخاطر.
هكذا أتجول في وحدتي بفراغ عاطفي مفعم بانتظار لذيذ يتدفق في بعض حزن خوليو المتشبع في وكأنه يغني لي يهدهدني بطفولة أبوية لاتعرف غير أغصان الحلم.
سأكتب قصيدتي الطويلة يوما ما وأهديها إلى حسي القديم في صباي ومراهقتي ورشدي.
أني وجدت تلك الحياة الحرة في تنسيق رؤاها أجد ذاتيتي. لا فضل لي في اختراع عبارة تضيء بالشمس وتهز أغصان الحياة وتبسط زهرها الربيعي في الروح إنما الفضل وحده لتلك الذكريات المعبأة بالمشهد الذي لا يمكن لخيالي أن ينساه وقد تغلغل في خيوط ذاكرتي.
مفتونة بكل زهرة تنبت بعد رشة مطرية يممت نحوها وعبرت حتى فصل آخر. لا لحظة تليق بلحظتي سوى تلك الرسائل الإلهامية التي تدفعني من بعيد إلى بوحها بسخاء أكثر فأكثر.
كم تفتح لي آفاقها تلك المشاعر التي تشجعني على وصف الواقع بكثير من الإسهاب.
لا أرغب في صياغة روح جديدة لمستقبل مازال مبهورا بأناقة عباءتي سوداء كانت أو ملونة.. فهي في نهاية الأمر أو بدايته مجرد عباءة ظاهرية وليست باطني.
- هل توجد ألوان أخرى لعباءة الروح التي لا لون لها، ولم تكتشفها الخيبات بعد، يمكنني أن أمارس بمعيتها قدرة سلفادور دالي على هدم حياة كل شيء وإعادة تكوينه؟.
... ... ...
- هدى الدغفق