في الرواية عدة شخوص، ولكل شخصية طقوسها التي اختلقها الكاتب من وحي الخيال، ولا يمكن على أية حال أن تتلبس الحوارات القائمة في متن الرواية شخصية الكاتب نفسه، وإلا لربما يتوه بين اختلاقه للشخصيات، فيبدأ هو بتلبس شخصياته حتى يضيع بينهم ولا يستطيع العودة لذاته.
طرأت لي هذه الفكرة حين استرجعت حواراً قديماً دار بيني وبين أحد الأصدقاء، وكان يستشهد على أفكار بعض الكُتاب بما جاء في (رواياتهم)، وقد تعمدت وضع كلمة رواياتهم بين قوسين لأن الفكرة المطروحة في الرواية تعبر عن الشخصية المختلقة لخدمة النص، بعكس تلك الكتب النظرية التي يعبر الكاتب فيها عن رأيه وفكرته الخاصة بكل صراحة ووضوح.
لقد كان يستشهد مثلاً على أفكار الكاتب تركي الحمد بما جاء في ثلاثيته الروائية الشهيرة، ولم تفلح ساعة من الحوار في إقناعه بأن شخصية هشام العابر التي وضعها تركي الحمد في هذه الرواية تعبر عن هشام العابر فقط وليس عن تركي الحمد بالضرورة.
وقد كان يستشهد على أفكار غازي القصيبي رحمه الله بما قرأه في روايته شقة الحرية، وعلى أحلام مستغانمي بما كتبته في ثلاثيتها وهذا خلط واضح بين شخصية الكاتب وشخوصه التي اختلقها ووظفها بما يخدم النص والفكرة!
إن الكاتب الروائي لا يضع بالضرورة أفكاره في روايته، وإلا إذا كان قد عاش (حرفياً) حيوات متعددة، وإلا فكيف يمكننا العثور على شخصيته الحقيقية بين رواياته المختلفة لو كان هذا حقيقياً؟ فضلاً عن مناقضة الشخصيات لبعضها البعض في كل رواية.
وكل روائي معرض لمثل هذه الأسئلة: هل روايتك واقعية؟ وهل كتبتها لشخص ما؟ وهل شخصية فلان في الرواية تمثل شخصيتك؟ إنما في كل مرة تواجهني فيها هذه الأسئلة حول ما كتبت أو حول ما كتبه الآخرون من الروائيين أتذكر مباشرة نظرية موت المؤلف، تلك النظرية التي يجب أن يطبقها كل قارئ مهتم بالرواية والقصة والشعر، وذلك حتى لا يعمم أحكامه على شخصية الكاتب مما قرأه في روايته.
- عادل بن مبارك الدوسري
aaa-am26@hotmail.com
@AaaAm26