لم تعد الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون أو حتى الصوالين الأدبية هي الجاذبة لحضور الأمسيات أياً كانت شعرية أم قصصية أم نقدية أم ثقافية بل أصبحت المواقع الافتراضية أكثر جذباً وتفاعلا وحراكا حيث تتميز باستقطاب المهتمين بالأجناس الأدبية بحسب الميول ومن كافة أنحاء المناطق بل من خارج الحدود الجغرافية وهذا الذي تعجز أن تقوم به الأندية الأدبية والتي تؤدي دورها الثقافي والأدبي في محيط ضيق بل أن الكثير من الفعاليات يحضرها القلة مما يفسح المجال الأرحب أمام تلك المواقع التي حققت نجاحا كبيرا ومن بينها ملتقى القصة القصيرة الإلكتروني «التفاعلي»عبر وسيلة الواتس اب الذي يضم نخبة من كتاب القصة والنقاد المختصين من الداخل والخارج يطرحون جديدهم ويحددون يوما في الأسبوع للقاء خاص بأحد القصاص يطرح نتاجه القصصي الجديد ليتناوله المشاركون في بيت رواق السرد الافتراضي بالقراء الماتعة والمداخلة المفيدة والنقد بنوعيه الانطباعي والأكاديمي، ومع استمرارية النجاح تم توسيع الدائرة بتنظيم أمسيات قصصية يشترك في إحيائها عدد من كتاب القصة على مستوى الوطن العربي، وهنا تأتي وسائل التواصل السريعة والحديثة كمكون ثقافي وأدبي مهم يسهم في الحراك الثقافي على شريطة التنظيم الجيد والإدارة الواعية مما يجعلنا نشيد بالقاصة مريم الحسن والقاص هاني حجي في تأسيس وإدارة ملتقى القصة القصيرة، الذي يواصل عطاءه ويوسع دائرة المشتركين مما رفع رصيد نجاحه تواصله مع موقع القصة العربية الذي أسسه الروائي والقاص جبير المليحان لينشر كل المشاركات القصصية والمداخلات النقدية لتكون مقروءة على نطاق أوسع. بل تجاوز الفعل الثقافي لطرق باب ترجمة القصص إلى عدة لغات من خلال مختصين ليتم جمعها في إصدار مشترك ونشرها عبر الصحف الأجنبية، وهذا الأسلوب يسهل التمازج مع الثقافات الأخرى.
وحتى تضمن الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون استمرارية عطائها فيمكنها أن تؤسس غرفا افتراضية من خلال مواقعها الإلكترونية يلتقي المهتمون بالأدب والثقافة كل حسب ميوله وتخصصه للمشاركة في مائدة أدبية راقية وهنا يتم تجاوز الإطارين المكاني والزماني والتغلب على مشكلة قلة الحضور وفي الوقت نفسه نجد أن هذا الفعل لا يكلف شيئا سوى إدارة واعية ومثابرة، وفي الوقت نفسه تتمكن الأندية من كسر الجمود الذي يعتري مواقعها التي تعاني من شح في عدد الزوار. نحن إزاء مرحلة زمنية من الضرورة مواكبتها والاستفادة من كل وسائل التواصل السريعة فيما يخدم النواحي الإنسانية ومن بينها الجانب الثقافي باعتبار «الثقافة» أكسجين الحياة منمية للفكر مهذبة للوجدان ومروحة عن النفس.
- جمعان الكرت