يوسف المحيميد
لا يختلف اثنان على أهمية النقل العام في أي مدينة من مدن العالم، فهو البديل الأمثل للتنقل داخل هذه المدن، وهو الوسيلة الوحيدة التي تسهم في تخفيف الزحام، وتقليل التلوث البيئي، ولكن ذلك، ورغم أهميته لا ينجح ما لم تتوفر له شروط النجاح، ولعل من بينها، التصميم الجيد لخطوط ومسارات هذا النقل العام، بالإضافة إلى توافر الكثافة السكانية، وأعني بالتصميم الجيد أن تستطيع شبكة الخطوط الحديدية تغطية معظم المدن الرئيسة في هذا البلد أو ذاك.
في بلادنا سعدنا كثيرا بانطلاق قطار الشمال (سار) الذي يمتد من العاصمة، وحتى اقصى شمال البلاد، في خط حديدي يمثل نقلة نوعية في هذا الوطن، وقد نجح مبدئيا في خطوته الأولى، وفي مساره المبدئي من الرياض إلى القصيم، والدليل على ذلك كثافة المسافرين على هذا الخط، ومع ذلك يعاني أكثرهم من ثلاثة أمور رئيسة، الأول يتمثل في ارتفاع أسعار تذاكر السفر، والثاني عدم توفر مقاعد في أي رحلة، حتى لو اتخذ المسافر قرار السفر فجأة، كما في كثير من الدول، التي يذهب فيها المسافر إلى المحطة، ويستطيع ركوب القطار الذي ينطلق كل ساعة، وأحيانا كل نصف ساعة، أما الأمر الثالث فهو عدم مراعاة الفئات الأقل دخلاً، مثل الفئات الخاصة من المعوقين، وحاملي بطاقات الضمان الاجتماعي، والطلاب وغيرهم، فمختلف دول العالم تراعي هذه الفئات، بوضع أسعار خاصة لها، وفي الغالب هي أسعار رمزية تتناسب مع قدرات هؤلاء ودخولهم المتواضعة.
إن الدول التي تُعنى بهذه الفئات من غير القادرين على الحياة بشكل كريم، بأن تضع لهم مسارات مخصصة، ومقاعد ودورات مياه خاصة بهم، ومواقف لسياراتهم، وأسعار تذاكر رمزية لهم قد تصل أحيانًا إلى أن تكون مجانًا، هي حتمًا دول متقدمة، وتهدف إلى رفعة شعوبها وراحتها ورفاهيتها.
وكما يعرف المختصون في الاقتصاد والمال، بأن شركات النقل العام، هي من الشركات التي تحقق أرباحًا بسيطة، فليس مطلوبًا أن تكسب الدولة أو القطاع الخاص من هذا القطاع بشكل كبير، بل تكفي تغطية التكاليف، والحصول على ربح معقول للملاك والمساهمين، فالمهم أن تتم المحافظة على هذه المقدرات، وتطويرها باستمرار، ونجاحها بكثرة الإقبال عليها، واستخدامها بشكل دائم.